باب السلم في المرض ( قال رحمه الله ) : الأصل في مسائل هذا الباب أن تبرع المريض بالأجل يكون معتبرا من ثلثه بمنزلة تبرعه بأصل المال بالهبة أو الإبراء وهذا ; لأن الحيلولة تقع بين الورثة وبين المال عند موت المريض بسبب الأجل ، كما تقع الحيلولة بسبب الهبة ، والإبراء ولأن ما زاد على الثلث حق الورثة وتصرفه في حق الغير بالتأجيل باطل كتصرفه بالإسقاط وأصل إجرائه إذا جمع في تبرعه بين المال ، والأجل فإنه يقدم في ثلث ماله التبرع بأصل المال حتى إذا استغرق الثلث لم يصح تأجيله في شيء ; لأن التأجيل تبرع من حيث تأخير المطالبة مع بقاء أصل المال ، والمحاباة تبرع بأصل المال ولا شك أن التبرع بأصل المال أقوى ولا مزاحمة بين الضعيف ، والقوي في الثلث إذا عرفنا هذا فنقول : إذا ، فالمسلم إليه بالخيار إن شاء عجل ثلثي الطعام ، فكان الثلث عليه إلى أجله ، وإن شاء رد عليهم رأس المال إلا إن شاء الورثة أن يؤخروا عنه الطعام إلى أجله ; لأن تبرع المريض كان بالأجل ، فإنما صح في ثلث ماله ، وعلى المسلم إليه أن يجعل ثلثي الطعام إلا أنه يثبت له الخيار [ ص: 39 ] لأنه تغير عليه شرط عقده ، فإنه ما رضي بأنه يطالب بحكم هذا العقد بشيء من الطعام قبل حل الأجل ، فإذا توجهت المطالبة عليه به فقد تغير عليه شرط عقده ، وذلك يثبت الخيار لانعدام تمام الرضى فله أن يفسخ العقد ويرد عليهم رأس المال إلا أن يشاء الورثة أن يؤخروا عنه الطعام إلى أجل ; لأنهم إذا نفذوا التأجيل في جميع الطعام فقد سلم له شرط عقده فلا خيار له في الفسخ . سلم المريض مائة درهم في عشرة أكرار حنطة إلى رجل بأجل معلوم ونقد الدراهم ولا مال له غيرها ، ثم مات قبل حل الأجل ، والطعام يساوي مائة
وإن لم يتخير شيئا حتى مات حل الأجل وبطل الخيار ; لأنه لم يتغير موجب العقد هنا ، فإن الأجل يحل بموت المسلم إليه وتتوجه المطالبة بحكم العقد ، أما لوقوع الاستغناء له عن الأجل أو ; لأن الدين لما صار في معنى التحول إلى التركة كان بمنزلة العين ، والعين لا تقبل الأجل ، وإن كان بموت رب السلم فقد حل الأجل ، فالطعام حال على المسلم إليه ولا خيار له فيه ; لأنه لم يتغير عليه شرط عقده