800 - مسألة : ولا يجوز أصلا ولا لمن صادف يوما كان يصومه - : نا صوم اليوم السادس عشر من شعبان تطوعا عبد الله بن ربيع نا عمر بن عبد الملك نا محمد بن بكر نا أبو داود نا نا قتيبة بن سعيد قال : قدم عبد العزيز بن محمد الدراوردي عباد بن كثير المدينة فمال إلى مجلس فأخذ بيده فأقامه ثم قال : اللهم إن هذا يحدث عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { العلاء بن عبد الرحمن } فقال العلاء : اللهم إن أبي حدثني [ ص: 448 ] عن إذا انتصف شعبان فلا تصوموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك . قال أبي هريرة : هكذا رواه أبو محمد سفيان عن العلاء ، والعلاء ثقة روى عنه : ، شعبة ، وسفيان الثوري ، ومالك ، وسفيان بن عيينة ، ومسعر بن كدام ، وكلهم يحتج بحديثه فلا يضره غمز وأبو العميس ابن معين له ، ولا يجوز أن يظن مخالفة ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم والظن أكذب الحديث ; فمن ادعى هاهنا إجماعا فقد كذب . وقد كره قوم الصوم بعد النصف من شعبان جملة ، إلا أن الصحيح المتيقن من مقتضى لفظ هذا الخبر النهي عن الصيام بعد النصف من شعبان ، ولا يكون الصيام في أقل من يوم ، ولا يجوز أن يحمل على النهي عن صوم باقي الشهر إذ ليس ذلك بينا ، ولا يخلو شعبان من أن يكون ثلاثين أو تسعا وعشرين ; فإن كان ذلك فانتصافه بخمسة عشر يوما ; وإن كان تسعا وعشرين فانتصافه في نصف اليوم الخامس عشر ، ولم ينه عن الصيام بعد النصف ، فحصل من ذلك النهي عن صيام اليوم السادس عشر بلا شك . فإن قيل : فقد رويتم من طريق بأبي هريرة عن وكيع عن أبي العميس عن أبيه عن العلاء بن عبد الرحمن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } . قلنا : نعم ، وهذا يحتمل النهي عن كل ما بعد النصف من شعبان ; ويحتمل أن يكون النهي عن بعض ما بعد النصف ، وليس أحد الاحتمالين أولى بظاهر اللفظ من الآخر ; وقد روينا ما ذكرنا قبل من قول إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان : { أم سلمة أم المؤمنين } وقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان يصله برمضان : { عائشة أم المؤمنين } وقولهما هذا يقتضي أنه عليه السلام كان يداوم ذلك فوجب استعمال هذه الأخبار كلها وألا يرد منها شيء لشيء أصلا ; فصح صيام أكثر شعبان مرغوبا فيه ، وصح جواز صوم آخره ; فلم يبق يقين النهي إلا على ما لا شك فيه وهو اليوم [ ص: 449 ] السادس عشر كما قلنا - وبالله تعالى التوفيق . أنه عليه الصلاة والسلام : كان يصوم شعبان كله إلا قليلا
ومن ادعى نسخا في خبر العلاء فقد كذب وقفا ما لا علم له به - وبالله تعالى نتأيد . وقد بينا فيما خلا ما قاله ، أبو حنيفة ، ومالك مما لا يعرف أن أحدا قاله قبل كل واحد منهم ، أكثر ذلك مما قالوه برأي لا بنص ؟ من ذلك قول والشافعي : يجزئ من مسح الرأس في الوضوء مقدار ثلاثة أصابع ولا يجزئ أقل منه ، ومرة قال : ربع الرأس ولا يجزئ أقل ، ويجزي مسحه بثلاث أصابع ولا يجزئ بأصبعين ولا بأصبع . وأجازوا الاستنجاء بالروث . وقوله : المرة والماء الخارجان ، من الجوف ينقضان الوضوء إذا كان كل واحد منهما ملء الفم ، فإن كان أقل لم ينقض الوضوء ; وكذلك تعمد القيء والدم الخارج من الجوف ينقض الوضوء إن غلب على البصاق وإن لم يملأ الفم ، والبلغم الخارج من الجوف لا ينقض الوضوء وإن ملأ الفم . وقوله في صدقة الخيل : إن شاء أعطى عن كل رأس من الإناث أو الذكور أو الإناث مخلوطين عن كل رأس عشرة دراهم ، وإن شاء قومها قيمة وأعطى عن كل مائتي درهم خمسة ، ولا يعطي من الذكور المفردة شيئا . وقوله : الزكاة في كل ما أخرجت الأرض قل أو كثر إلا الحطب ، والقصب ، والحشيش ، وقصب الزريرة ، فإن كان الخارج في الدار فلا زكاة فيه ، وكل هذا لا يعلم أحد قاله قبلهم . وكقول أبي حنيفة : من ترك من الصلاة ثلاث تكبيرات ، أو ثلاث تسميعات بطلت صلاته ، فإن ترك تكبيرتين فأقل لم تبطل ولا تسميعتين فأقل . وقوله في الزكاة فيما تخرجه الأرض ومما لا زكاة فيه من ذلك من أنواع الحبوب . وقوله : إن الزكاة تسقط بموت المرء إلا زكاة عامه ذلك . وقوله فيما تخرج منه زكاة الفطر من الحبوب . وقول مالك : فيما يخرج منه الزكاة من الحبوب وما يخرج منه . وقوله : فيما يخرج منه زكاة الفطر من الحبوب وما لا يجزئ فيها منها . [ ص: 450 ] الشافعي
وقوله في أن الماء إن كان خمسمائة رطل بالبغدادي له لم يقبل نجاسة إلا أن تغيره ، فإن كان أقل - ولو بوزن درهم - فإنه ينجس وإن لم يتغير . وكل هذا لا يعرف له قائل قبل من ذكرنا .
ولو تتبعنا ما لكل واحد منهم من مثل هذا لبلغ ، لأبي حنيفة : ألوفا من المسائل ، ولبلغ ومالك مائتين - وبالله تعالى نتأيد . للشافعي