725 - مسألة : قال : وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ، ويجبرهم السلطان على ذلك ، إن لم تقم الزكوات بهم ، ولا في سائر أموال المسلمين ، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه ، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك ، وبمسكن يكنهم من المطر ، والصيف والشمس ، وعيون المارة . أبو محمد
وبرهان ذلك : قول الله تعالى : { وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل } . وقال تعالى : { وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم } . فأوجب تعالى حق المساكين ، وابن السبيل ، وما ملكت اليمين مع حق ذي القربى وافترض الإحسان إلى الأبوين ، وذي القربى ، والمساكين ، والجار ، وما ملكت اليمين ، والإحسان يقتضي كل ما ذكرنا ، ومنعه إساءة بلا شك ؟ وقال تعالى : { ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين } . فقرن الله تعالى إطعام المسكين بوجوب الصلاة .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة في غاية الصحة أنه قال : { } . [ ص: 282 ] قال من لا يرحم الناس لا يرحمه الله : ومن كان على فضلة ورأى المسلم أخاه جائعا عريان ضائعا فلم يغثه - : فما رحمه بلا شك . وهذا خبر رواه أبو محمد ، نافع بن جبير بن مطعم وقيس بن أبي حاتم ، وأبي ظبيان ، وكلهم عن وزيد بن وهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . روى أيضا معناه جرير بن عبد الله الزهري عن عن أبي سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبي هريرة
وحدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري موسى بن إسماعيل هو التبوذكي - ثنا - عن أبيه ثنا المعتمر هو ابن سليمان أن أبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حدثه { أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس } أو كما قال فهذا هو نفس قولنا . أن
ومن طريق عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد الزهري أن أخبره أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عبد الله بن عمر } . قال المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه : من أبو محمد - فقد أسلمه . تركه يجوع ويعرى - وهو قادر على إطعامه وكسوته
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا شيبان بن فروخ عن أبو الأشهب عن أبي نضرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي سعيد الخدري } . قال من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له ، قال : فذكر من أصناف المال ما ذكر ، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل : وهذا إجماع الصحابة رضي الله عنهم يخبر بذلك أبو محمد ، وبكل ما في هذا الخبر نقول . ومن طريق أبو سعيد أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم : { } . [ ص: 283 ] والنصوص من القرآن ، والأحاديث الصحاح في هذا تكثر جدا . أطعموا الجائع وفكوا العاني
وروينا من طريق عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت أبي وائل شقيق بن سلمة قال : قال رضي الله عنه : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على فقراء عمر بن الخطاب المهاجرين ؟ هذا إسناد في غاية الصحة والجلالة . ومن طريق عن سعيد بن منصور أبي شهاب عن أبي عبد الله الثقفي عن محمد بن علي بن الحسين عن أنه سمع محمد بن علي بن أبي طالب يقول : إن الله تعالى فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم ، فإن جاعوا أو عروا وجهدوا فمنع الأغنياء ، وحق على الله تعالى أن يحاسبهم يوم القيامة ، ويعذبهم عليه ؟ وعن علي بن أبي طالب أنه قال : في مالك حق سوى الزكاة . وعن ابن عمر عائشة أم المؤمنين ، ، وابن والحسن بن علي أنهم قالوا كلهم لمن سألهم : إن كنت تسأل في دم موجع ، أو غرم مفظع أو فقر مدقع فقد وجب حقك . وصح عن عمر وثلاثمائة من الصحابة رضي الله عنهم أن زادهم فني فأمرهم أبي عبيدة بن الجراح فجمعوا أزوادهم في مزودين ، وجعل يقوتهم إياها على السواء ؟ فهذا إجماع مقطوع به من الصحابة رضي الله عنهم ، لا مخالف لهم منهم . أبو عبيدة
وصح عن الشعبي ، ، ومجاهد ، وغيرهم ، كلهم يقول : في المال حق سوى الزكاة . وطاوس
قال : وما نعلم عن أحد منهم خلاف هذا ، إلا عن أبو محمد الضحاك بن مزاحم ، فإنه قال : نسخت الزكاة كل حق في المال . قال : وما رواية أبو محمد الضحاك حجة فكيف رأيه . والعجب أن المحتج بهذا أول مخالف له فيرى ، منها النفقات على الأبوين المحتاجين ، وعلى الزوجة ، وعلى الرقيق ، وعلى الحيوان ، والديون ، والأروش ، فظهر تناقضهم . في المال حقوقا سوى الزكاة
فإن قيل : فقد رويتم من طريق : ثنا ابن أبي شيبة عن أبو الأحوص عكرمة عن [ ص: 284 ] قال : من أدى زكاة ماله فليس عليه جناح أن لا يتصدق . ومن طريق ابن عباس الحكم عن مقسم عن في قوله تعالى : { ابن عباس وآتوا حقه يوم حصاده } نسختها : العشر ، ونصف العشر . فإن رواية مقسم ساقطة لضعفه
; وليس فيها ولو صحت خلاف لقولنا ؟ وأما رواية عكرمة فإنما هي أن لا يتصدق تطوعا ; وهذا صحيح ؟ وأما القيام بالمجهود ففرض ودين ، وليس صدقة تطوع .
ويقولون : من عطش فخاف الموت ففرض عليه أن يأخذ الماء حيث وجده وأن يقاتل عليه . قال : فأي فرق بين ما أباحوا له من القتال على ما يدفع به عن نفسه الموت من العطش ، وبين ما منعوه من القتال عن نفسه فيما يدفع به عنها الموت من الجوع والعري . وهذا خلاف للإجماع ، وللقرآن ، وللسنن ، وللقياس . قال أبو محمد : ولا يحل لمسلم اضطر أن يأكل ميتة ، أو لحم خنزير وهو يجد طعاما فيه فضل عن صاحبه ، لمسلم أو لذمي ; لأن فرضا على صاحب الطعام إطعام الجائع فإذا كان ذلك كذلك فليس بمضطر إلى الميتة ولا إلى لحم الخنزير - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد
وله أن يقاتل عن ذلك ، فإن قتل فعلى قاتله القود ، وإن قتل المانع فإلى لعنة الله ; لأنه منع حقا ، وهو طائفة باغية ، قال تعالى : { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } ومانع الحق باغ على أخيه الذي له الحق ; وبهذا قاتل رضي الله عنه مانع الزكاة - وبالله تعالى التوفيق . تم كتاب الزكاة بحمد الله تعالى وحسن عونه . أبو بكر الصديق