حدثنا أحمد بن محمد الجسور ثنا محمد بن عيسى بن رفاعة ثنا ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام عن جرير هو ابن عبد الحميد - عن منصور هو ابن المعتمر - الحكم بن عتيبة قال { وهو معاذ باليمن : أن فيما سقت السماء أو سقي غيلا العشر ، وفيما سقي بالغرب نصف العشر ، وفي الحالم والحالمة دينار أو عدله من المعافر } . كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
وبه إلى أبي عبيد : ثنا عثمان بن صالح عن عن ابن لهيعة عن أبي الأسود قال { عروة بن الزبير كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن : أنه من كان على يهودية أو نصرانية فإنه لا يفتن عنها ; وعليه الجزية ، على كل حالم ذكر أو أنثى - عبد أو أمة - دينار واف أو عدله من المعافر ، فمن أدى ذلك إلى رسلي فإن له ذمة الله وذمة رسوله ; ومن منعه منكم فإنه عدو لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين } .
فهذه رواية عن مسروق ، وهو حديث زكاة البقر بعينه ، ومرسل من طريق معاذ الحكم ، وآخر من طريق ; فإن كانت مرسلاتهم في زكاة البقر صحيحة واجبا [ ص: 102 ] أخذها فمرسلاتهم هذه صحيحة واجب أخذها ، وإن كانت مرسلاتهم هذه لا تقوم بها حجة فمرسلاتهم تلك لا تقوم بها حجة ؟ فإن قيل : فإنكم تقولون بما في هذه المرسلات ولا تقولون : بتلك ، فكيف هذا ؟ قلنا وبالله تعالى التوفيق : ما قلنا بهذه ولا بتلك ، ومعاذ الله من أن نقول بمرسل لكنا أوجبنا الجزية على كل كتابي بنص القرآن ، ولم نخص منه امرأة ولا عبدا ، وأما بهذه الآثار فلا ؟ قال ابن لهيعة : لا سيما الحنفيين فإنهم خالفوا مرسلات أبو محمد تلك في معاذ - : كما حدثنا إسقاط الزكاة عن الأوقاص والعسل عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز الحجاج بن المنهال ثنا عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة { طاوس أتي بوقص البقر والعسل فلم يأخذه ; فقال : كلاهما لم يأمرني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء معاذ بن جبل } فمن الباطل أن يكون حديث أن حجة إذا وافق هوى الحنفيين ورأي معاذ ؟ ولا يكون حجة إذا لم يوافقهما ، ما ندري أي دين يبقى مع هذا العمل ؟ ونعوذ بالله من الخذلان والضلال ومن أن يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا فإن احتجوا بصحيفة أبي حنيفة عمرو بن حزم قلنا : هي منقطعة أيضا لا تقوم بها حجة ، وسليمان بن داود الجزري - الذي رواها - متفق على تركه وأنه لا يحتج به .
فإن أبيتم ولججتم وظننتم أنكم شددتم أيديكم منها على شيء فدونكموها - : كما حدثنها حمام بن أحمد قال ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن زهير بن حرب ثنا ثنا الحكم بن موسى عن [ ص: 103 ] يحيى بن حمزة سليمان بن داود الجزري ثنا الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده { اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات ، وبعث به مع عمرو بن حزم ، وهذه نسخته فذكر الكتاب . وفيه وفي كل ثلاثين باقورة تبيع ، جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين باقورة بقرة ، وفيه أيضا وفي كل خمس أواقي من الورق خمسة دراهم ، فما زاد ففي كل أربعين درهما درهم وفي كل أربعين دينارا دينار } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل
حدثنا حمام قال : ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أبو عبد الله الكابلي ببغداد ثنا حدثني أبي عن إسماعيل بن أبي أويس عبد الله ، ومحمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيهما عن جدهما { لعمرو بن حزم حين أمره على اليمن وفيه الزكاة ليس فيها صدقة حتى تبلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم ، وفي كل أربعين درهما درهم ، وليس فيما دون الأربعين صدقة ، فإذا بلغت الذهب قيمة مائتي درهم ففي قيمة كل أربعين درهما درهم ، حتى تبلغ أربعين دينارا ; فإذا بلغت أربعين دينارا ففيها دينار } . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كتب هذا الكتاب
قال أبو أويس : وهذا عن ابني حزم أيضا { } . فرائض صدقة البقر ليس فيما دون ثلاثين صدقة فإذا بلغت الثلاثين ففيها فحل جذع ، إلى أن تبلغ أربعين ، فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة إلى أن تبلغ ستين ، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان
قال : أبو محمد أبو أويس ضعيف وهي منقطعة مع ذلك - ووالله لو صح شيء من هذا ما ترددنا في الأخذ به .
قال : ما نرى المالكيين والشافعيين ، والحنفيين إلا قد انحلت عزائمهم في الأخذ بحديث علي المذكور وبصحيفة معاذ ، ولا بد لهم من ذلك ; أو الأخذ بأن لا [ ص: 104 ] صدقة في ذهب لم يبلغ أربعين دينارا إلا بالقيمة بالفضة وهو قول ابن حزم ، عطاء والزهري ، وغيرهم ، وأن يأخذ المالكيون ، والشافعيون بوجوب الأوقاص في الدراهم وبإيجاب الجزية على النساء والعبيد من وسليمان بن حرب أهل الكتاب ، أو التحكم في الدين بالباطل فيأخذوا ما اشتهوا ويتركوا ما اشتهوا ; وهذه والله أخزى في العاجلة والآجلة وألزم وأندم ، ، والحنفيون يقولون : إن الراوي إذا ترك ما روى دل ذلك على سقوط روايته ، والزهري هو روى صحيفة في زكاة البقر وتركها ؟ فهلا تركوها وقالوا : لم يتركها لا لفضل علم كان عنده ثم لو صح لهم حديث ابن حزم لكان ما ذكرنا قبل من الأخبار بأن في زكاة البقر كزكاة الإبل مثلها في الإسناد وواردة بحكم زائد لا يجوز تركه ، وكان الآخذ بتلك آخذا بهذه ، وكان الآخذ بهذه ، دون تلك عاصيا لتلك ؟ فبطل كل ما موهوا به من طريق الآثار جملة ؟ فإن تعلقوا معاذ ، بعلي ، ومعاذ رضي الله عنهم قلنا لهم : الخبر عن وأبي سعيد منقطع ، وعن معاذ لم يروه إلا أبي سعيد - وهو ضعيف - و أما عن ابن أبي ليلى محمد فهو صحيح ولا يصح هذا القول من أحد من الصحابة رضي الله عنهم سواه ؟ وقد روينا قبل عن علي ، عمر بن الخطاب خلاف ذلك - ولا حجة في قول صاحب إذا خالفه صاحب آخر ثم إن لججتم في التعلق وجابر بن عبد الله هاهنا فاسمعوا قول بعلي من هذه الطريق نفسها - : حدثنا علي حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق عن معمر أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن قال : في خمس من الإبل شاة وفي عشر شاتان - وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين خمس شياه ، وفي ست وعشرين بنت مخاض ، فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر ، حتى تبلغ خمسا وثلاثين ; فإن زادت واحدة ففيها بنت لبون ، حتى تبلغ خمسا وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقة طروقة الفحل - أو قال : الجمل - حتى تبلغ ستين فإذا زادت واحدة ففيها جذعة ، حتى تبلغ خمسا وسبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا [ ص: 105 ] لبون ، حتى تبلغ تسعين ; فإذا زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة ، فإن زادت واحدة ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين بنت لبون ، وفي البقر في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي ، وفي كل أربعين مسنة . علي بن أبي طالب
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا ثنا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني ثنا ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن قال : إذا أخذ المصدق سنا فوق سن رد عشرة دراهم أو شاتين . علي بن أبي طالب
قال : ما نرى الحنفيين ، والمالكيين ، والشافعيين إلا قد برد نشاطهم في الاحتجاج بقول أبو محمد رضي الله عنه في زكاة البقر ، ولا بد لهم من الأخذ بكل ما روي عن علي في هذا الخبر نفسه ، مما خالفوه وأخذ به غيرهم من السلف ، أو ترك الاحتجاج بما لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو التلاعب بالسنن والهزل في الدين أن يأخذوا ما أحبوا ويتركوا ما أحبوا ؟ لا سيما وبعضهم هول في حديث علي هذا بأنه مسند فليهنهم خلافه إن كان مسندا ، ولو كان مسندا ما استحللنا خلافه - وبالله تعالى التوفيق . علي
فلم يبق لمن قال بالتبيع والمسنة فقط في البقر حجة أصلا ، ولا قياس معهم في ذلك فبطل قولهم جملة بلا شك - والحمد لله رب العالمين .
أما القول المأثور عن ففي غاية الفساد لا قرآن يعضده ولا سنة صحيحة تنصره ، ولا رواية فاسدة تؤيده ، ولا قول صاحب يشده ، ولا قياس يموهه ، ولا رأي له وجه يسدده . أبي حنيفة
إلا أن بعضهم قال : لم نجد في شيء من الماشية وقصا من تسعة عشر .
فقيل لهم : ولا وجدتم في شيء من زكاة المواشي جزءا من رأس واحد .
فإن قالوا : أوجبه الدليل .
قيل لهم : كذبتم ما أوجبه دليل قط ، وما جعل الله تعالى رأي وحده دليلا في دينه : وقد وجدنا الأوقاص تختلف ، فمرة هو في الإبل أربع ، ومرة عشرة ، ومرة [ ص: 106 ] تسعة ، ومرة أربعة عشر ، ومرة أحد عشر ، ومرة تسعة وعشرين ، ومرة هو في الغنم ثمانون ، ومرة تسعة وسبعون ، ومرة مائة وثمانية وتسعون ، ومرة تسعة وتسعون فأي نكرة في أن تكون تسعة عشر إذا صح بذلك دليل ؟ لولا الهوى والجهل فلم يبق إلا ما رويناه من عمل عمال النخعي ، وعمل ابن الزبير طلحة بن عبد الله بن عوف وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف ، ومن كبار التابعين جدا - بالمدينة بحضرة الصحابة فلم ينكروه ؟ فنظرنا في ذلك - : فوجدنا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا من طريق إسناد الآحاد ولا من طريق التواتر شيء كما قدمنا ، ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم لا يعارضه غيره ، ولا يحل أن تؤخذ شريعة إلا عن الله تعالى إما من القرآن ، وإما من نقل ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق الآحاد والتواتر بيان زكاة البقر ، ووجدنا الإجماع - المتيقن المقطوع به ، الذي لا خلاف في أن كل مسلم قديما وحديثا قال به ، وحكم به من الصحابة فمن دونهم - قد صح على أن في كل خمسين بقرة : بقرة ; فكان هذا حقا مقطوعا به على أنه من حكم الله تعالى وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ; فوجب القول به ، وكان ما دون ذلك مختلفا فيه ، ولا نص في إيجابه ; فلم يجز القول به .
وقد قال الله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } فلم يحل ، أخذ مال مسلم ، ولا إيجاب شريعة بزكاة مفروضة بغير يقين ، من نص صحيح عن الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم . إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
ولا يغترن مغتر بدعواهم : أن العمل بقولهم كان مشهورا ; فهذا باطل ، وما كان هذا القول إلا خاملا في عصر الصحابة رضي الله عنهم ، ولا يؤخذ إلا عن أقل من عشرة من التابعين ، باختلاف منهم أيضا - وبالله التوفيق .
قال : ثم استدركنا فوجدنا حديث علي إنما ذكر فيه فعل مسروق معاذ باليمن في زكاة البقر ; وهو بلا شك قد أدرك وشهد حكمه وعمله المشهور المنتشر ، فصار نقله لذلك ، ولأنه عن عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - نقلا عن الكافة عن معاذا بلا شك ; فوجب القول به . معاذ