[ ص: 314 ] 380 - مسألة : فصلاته تامة ; قل كلامه أو كثر ، وعليه سجود السهو فقط ، وكذلك إن تكلم جاهلا . وقال ومن تكلم ساهيا في الصلاة : الكلام في الصلاة عمدا وسهوا سواء : تبطل بكليهما ; ورأى أبو حنيفة يبطلها ، ولا يبطلها إذا كان سهوا - وهذا تناقض برهان صحة قولنا - : قول الله عز وجل : { السلام في الصلاة عمدا ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } . حدثنا أحمد بن عمر بن أنس ثنا الحسين بن عبد الله الجرجاني ثنا عبد الرزاق بن أحمد بن عبد الحميد الشيرازي أخبرتنا فاطمة بنت الحسن بن الريان المخزومي وراق بكار بن قتيبة القاضي قالت : ثنا الربيع بن سليمان المؤذن ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } حدثنا إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة - عن إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية حجاج الصواف عن عن يحيى بن أبي كثير هلال بن أبي ميمونة عن عن { عطاء بن يسار معاوية بن الحكم السلمي قال بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، [ ص: 315 ] فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن } ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : هذا الحديث يبطل قول علي ; لأن فيه أنه كان بعد تحريم الكلام في الصلاة بيقين ، ولم يبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته . فإن قيل : ولا أمره بسجود السهو قلنا : قد صح الأمر بالسجود من زاد في صلاته أو نقص ، فواجب ضم هذا الحكم إلى ما وقع عليه ولا بد وقد حدثنا أبي حنيفة عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أخبرني إبراهيم بن يعقوب ثنا الحسن بن موسى ثنا شيبان ثنا عن يحيى بن أبي كثير - عن أبي سلمة هو ابن عبد الرحمن قال : { أبي هريرة بني سليم فقال : يا رسول الله ، أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم تقصر ولم أنس ، فقال : يا رسول الله ، إنما صليت ركعتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحق ما يقول ذو اليدين قالوا : نعم ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ركعتين } . بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركعتين ، فقام رجل من
قال : فغلط في هذا الخبر صنفان : أحدهما - أصحاب علي ، والثاني - أبي حنيفة ابن القاسم ومن وافقه [ ص: 316 ] فأما أصحاب فإنهم قالوا : لعل هذا الخبر كان قبل تحريم الكلام في الصلاة . وقالوا : الرجل المذكور قتل يوم أبي حنيفة بدر ، ذكر ذلك سعيد بن المسيب والزهري . وعمدوا إلى لفظ ذكره بعض رواة الخبر وهو { } فقالوا : هذا إخبار بأنه صلى للمسلمين . قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذا كله باطل وتمويه وظن كاذب - : أما قولهم : لعله كان قبل تحريم الكلام فباطل ; لأن تحريم الكلام في الصلاة كان قبل يوم علي بدر بيقين . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري ثنا ابن نمير ابن فضيل هو محمد - ثنا عن الأعمش إبراهيم النخعي عن علقمة عن قال { عبد الله بن مسعود سلمنا عليه فلم يرد علينا ، وقال : إن في الصلاة شغلا النجاشي } . ولا خلاف في أن كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند شهد ابن مسعود بدرا بعد إقباله من أرض الحبشة ، وأبو هريرة - وكلاهما متأخر الإسلام - يذكران جميعا حديث ذي اليدين ، وإسلامهما بعد وعمران بن الحصين بدر بأعوام - وكذلك معاوية بن خديج أيضا . وأما قولهم : إن الرجل المذكور قتل يوم بدر فتمويه بارد ، لوجوه - : أحدها : أن أعلى من ذكر ذلك ، ولم يولد إلا بعد فابن المسيب بدر ببضعة عشر عاما .
[ ص: 317 ] والثاني : أن المقتول يوم بدر إنما هو ذو الشمالين ، واسمه عبد عمرو ونسبه الخزاعي ، والمكلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو ذو اليدين واسمه الخرباق ونسبه سلمي . وأما قولهم : إن قول { أبي هريرة } إنما هو إخبار عن صلاته بالمسلمين الذين صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم - : فباطل ، يبين ذلك قول أبو هريرة الذي ذكرناه آنفا { أبي هريرة بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم } فظهر فساد قولهم . فإن قالوا : قسنا السهو في الكلام على العمد قيل لهم : القياس كله باطل ; ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل ; لأن القائلين بالقياس مجمعون على أن الشيء إنما يقاس على نظيره ، لا على ضده ، والنسيان ضد العمد ثم يقال لهم : فهلا قستم الكلام في الصلاة سهوا على السلام في الصلاة سهوا ، فهو أشبه به ; لأنهما معا كلام فأي شيء قصدوا به إلى التفريق بينهما فإن الفرق بين سهو الكلام وعمده أبين وأوضح - وبالله تعالى التوفيق . وأما ابن القاسم ومن وافقه فإنهم أجازوا بهذا الخبر كلام الناس مع الإمام في إصلاح الصلاة .
قال : وهذا خطأ ، لأن الناس إنما كلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط ، وتعمد الكلام معه عليه السلام لا يضر الصلاة شيئا ، وكلمهم عليه السلام وهو يقدر أن صلاته قد تمت ، وأن الكلام له مباح ; وكذلك تكلم الناس يومئذ بعضهم مع بعض وهم يظنون أن الصلاة قصرت وتمت . حدثنا علي أحمد بن محمد بن الجسور ثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم ثنا محمد بن وضاح ثنا ثنا أبو بكر بن أبي شيبة - عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة حبيب بن عبد الرحمن عن عن { حفص بن عاصم أبي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي فرآني النبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فلم آته حتى صليت ، فقال : ما منعك أن تأتيني قلت : كنت أصلي ، قال : ألم يقل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم } [ ص: 318 ] } ثم ذكر باقي الحديث . فصح أن هذا بعد تحريم الكلام في الصلاة ، لامتناع أبي سعيد من إجابة النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتم الصلاة ، وصح أن هذا خاص له ، وفيه حمل اللفظ على العموم ، وإجماع أهل الإسلام المتيقن على أن المصلي يقول في صلاته " السلام عليك أيها النبي " . ولا يختلف الحاضرون من خصومنا على أن الكلام مع النبي صلى الله عليه وسلم مباح في الصلاة ، أن صلاته قد بطلت - وبالله تعالى التوفيق من قال عامدا في صلاته : السلام عليك يا فلان