[ ص: 333 ] قتل أهل البغي 2158 - مسألة :
nindex.php?page=treesubj&link=9720_9721_9718_9537قتل أهل البغي ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } الآية .
فكان قتال المسلمين فيما بينهم على وجهين : قتال البغاة ، وقتال المحاربين - فالبغاة قسمان لا ثالث لهما : إما قسم خرجوا على تأويل في الدين فأخطئوا فيه ،
كالخوارج وما جرى مجراهم من سائر الأهواء المخالفة للحق .
وإما قسم أرادوا لأنفسهم دنيا فخرجوا على إمام حق ، أو على من هو في السيرة مثلهم ، فإن تعدت هذه الطائفة إلى إخافة الطريق ، أو إلى أخذ مال من لقوا ، أو سفك الدماء هملا : انتقل حكمهم إلى حكم المحاربين ، وهم ما لم يفعلوا ذلك في حكم البغاة .
فالقسم الأول من أهل البغي يبين حكمهم : ما نا
هشام بن سعد الخير نا
عبد الجبار بن أحمد المقرئ نا
الحسن بن الحسين البجيرمي نا
جعفر بن محمد الأصبهاني نا
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن حبيب نا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني ،
وخالد الحذاء ، كلاهما قال : عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أخبرتنا أمنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48004أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في nindex.php?page=showalam&ids=56عمار تقتلك الفئة الباغية } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وإنما قتل
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار رضي الله عنه - أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنه وكانوا متأولين تأويلهم فيه - وإن أخطئوا الحق - مأجورون أجرا واحدا : لقصدهم الخير .
[ ص: 334 ] ويكون من المتأولين قوم لا يعذرون ، ولا أجر لهم : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص بن غياث نا أبي نا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش نا
خيثمة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة قال قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22960سيخرج قوم في آخر الزمان ، أحداث الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من قول خير البرية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة } .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16893محمد بن أبي عدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان هو الأعمش - عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48006أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قوما يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس ، سيماهم التحالق ، هم شر الخلق ، أو من شر الخلق ، تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق } وذكر الحديث .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ففي هذا الحديث نص جلي بما قلنا ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هؤلاء القوم فذمهم أشد الذم ، وأنهم من شر الخلق ، وأنهم يخرجون في فرقة من الناس .
فصح أن أولئك أيضا : مفترقون ، وأن الطائفة المذمومة تقتلها أدنى الطائفتين المفترقتين إلى الحق ، فجعل عليه السلام في الافتراق تفاضلا ، وجعل إحدى الطائفتين المفترقتين لها دنو من الحق - وإن كانت الأخرى أولى به - ولم يجعل للثالثة شيئا من الدنو إلى الحق .
فصح أن التأويل يختلف ، فأي طائفة تأولت في بغيتها طمسا لشيء من السنة ، كمن قام برأي
الخوارج ليخرج الأمر عن
قريش ، أو ليرد الناس إلى القول بإبطال الرجم ، أو تكفير أهل الذنوب ، أو استقراض المسلمين ، أو قتل الأطفال والنساء ، وإظهار القول بإبطال القدر ، أو إبطال الرؤية ، أو إلى أن الله تعالى لا يعلم شيئا إلا حتى يكون ، أو إلى البراءة عن بعض الصحابة ، أو إبطال الشفاعة ، أو إلى إبطال العمل بالسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الرد إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى المنع من الزكاة ، أو من أداء حق من مسلم ، أو حق لله تعالى : فهؤلاء لا يعذرون بالتأويل الفاسد ; لأنها جهالة تامة .
[ ص: 335 ] وأما من دعا إلى تأويل لا يحل به سنة ، لكن مثل تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية في أن يقتص من قتلة
عثمان قبل البيعة
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : فهذا يعذر ; لأنه ليس فيه إحالة شيء من الدين ، وإنما هو خطأ خاص في قصة بعينها لا تتعدى .
ومن قام لعرض دنيا فقط ، كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17065ومروان بن الحكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16491وعبد الملك بن مروان في القيام على
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير ، وكما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=17068مروان بن محمد في القيام على
nindex.php?page=showalam&ids=17358يزيد بن الوليد ، وكمن قام أيضا عن
مروان ، فهؤلاء لا يعذرون ، لأنهم لا تأويل لهم أصلا ، وهو بغي مجرد .
وأما من
nindex.php?page=treesubj&link=9516دعا إلى أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، وإظهار القرآن ، والسنن ، والحكم بالعدل : فليس باغيا ، بل الباغي من خالفه - وبالله تعالى التوفيق .
وهكذا إذا
nindex.php?page=treesubj&link=9516أريد بظلم فمنع من نفسه - سواء أراده الإمام أو غيره - وهذا مكان اختلف الناس فيه : فقالت طائفة : إن السلطان في هذا بخلاف غيره ، ولا يحارب السلطان وإن أراد ظلما .
كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني أن رجالا سألوا
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين فقالوا : أتينا
الحرورية زمان كذا وكذا ، لا يسألون عن شيء غير أنهم يقتلون من لقوا ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : ما علمت أن أحدا كان يتحرج من قتل هؤلاء تأثما ، ولا من قتل من أراد قتالك إلا السلطان ، فإن للسلطان نحوا .
وخالفهم آخرون فقالوا : السلطان وغيره سواء ، كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48007 : أرسل nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان إلى عامل له أن يأخذ الوهط فبلغ ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص فلبس سلاحه هو ومواليه وغلمته ، وقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قتل دون ماله - مظلوما - فهو شهيد . }
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
عمرو بن دينار ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48008إن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص تيسر للقتال دون الوهط ، ثم قال : مالي لا أقاتل دونه وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول من قتل دون ماله فهو شهيد } .
[ ص: 336 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وأخبرني
سليمان الأحول أن
ثابتا مولى عمر بن عبد الرحمن أخبره ، قال : لما كان بين
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، وبين
عنبسة بن أبي سفيان ما كان وتيسروا للقتال ركب
خالد بن العاص - هو ابن هشام بن المغيرة المخزومي - إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو فوعظه ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48009من قتل على ماله فهو شهيد } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فهذا
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص بقية الصحابة وبحضرة سائرهم - رضي الله عنهم - يريد قتال
عنبسة بن أبي سفيان عامل أخيه
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية أمير المؤمنين إذ أمره بقبض " الوهط " ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو أن أخذه منه غير واجب ، وما كان
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية - رحمه الله - ليأخذ ظلما صراحا ، لكن أراد ذلك بوجه تأوله بلا شك ، ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو أن ذلك ليس بحق ، ولبس السلاح للقتال ، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة - رضي الله عنهم وهكذا جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وأصحابهم : أن الخارجة على الإمام إذا خرجت سئلوا عن خروجهم ؟ فإن ذكروا مظلمة ظلموها أنصفوا ، وإلا دعوا إلى الفيئة ، فإن فاءوا فلا شيء عليهم ، وإن أبوا قوتلوا ، ولا نرى هذا إلا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أيضا .
فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن نرد ما اختلفوا فيه إلى ما افترض الله تعالى علينا الرد إليه ، إذ يقول تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } .
ففعلنا : فلم نجد الله تعالى فرق في قتال الفئة الباغية على الأخرى بين سلطان وغيره ، بل أمر تعالى بقتال من بغى على أخيه المسلم - عموما - حتى يفيء إلى أمر الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وما كان ربك نسيا } وكذلك قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36996من قتل دون ماله فهو شهيد } أيضا - عموم - لم يخص معه سلطانا من غيره ، ولا فرق في قرآن ، ولا حديث ، ولا إجماع ولا قياس : بين من أريد ماله ، أو أريد دمه ، أو أريد فرج امرأته ، أو أريد ذلك من جميع المسلمين .
[ ص: 337 ] وفي الإطلاق على هذا هلاك الدين وأهله ، وهذا لا يحل بلا خلاف - وبالله تعالى التوفيق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله :
nindex.php?page=treesubj&link=9613_9612_9628ومن أسر من أهل البغي ، فإن الناس قد اختلفوا فيه : أيقتل أم لا ؟ فقال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : ما دام القتال قائما فإنه يقتل أسراهم ، فإذا انجلت الحرب فلا يقتل منهم أسير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : واحتج هؤلاء بأن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا - رضي الله عنه - قتل
ابن يثربي - وقد أتي به أسيرا وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يحل أن يقتل منهم أسير أصلا ما دامت الحرب قائمة ، ولا بعد تمام الحرب - وبهذا نقول .
برهان ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31391لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو نفس بنفس } .
وأباح الله تعالى دم المحارب ، وأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم دم من حد في الخمر ثم شربها في الرابعة .
فكل من ورد نص بإباحة دمه : مباح الدم ، وكل من لم يبح الله تعالى دمه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم حرام الدم بقول الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم } ، وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } وأما احتجاجهم بفعل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - فلا حجة لهم فيه لوجوه : أحدها - أنه لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والثاني - أنه لا يصح مسندا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه .
والثالث - أنه لو صح لكان حجة عليهم لا لهم ; لأن ذلك الخبر إنما هو في
ابن يثربي ارتجز يوم ذلك ، فقال :
[ ص: 338 ] أنا لمن ينكرني ابن يثربي قاتل nindex.php?page=showalam&ids=8عليا وهند الجمل ثم ابن صوحان على دين nindex.php?page=showalam&ids=8علي
فأسر ، فأتي به
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، فقال له : استبقني ؟ فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : أبعد إقرارك بقتل ثلاثة من المسلمين :
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ،
وهندا ،
وابن صوحان - وأمر بضرب عنقه - فإنما قتله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي قودا بنص كلامه - وهم لا يرون القود في مثل هذا ؟ فعاد احتجاجهم به حجة عليهم ، ولاح أنهم مخالفون لقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في ذلك ولفعله والرابع - أنه قد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي النهي عن قتل الأسراء في الجمل
وصفين - على ما نذكر إن شاء الله تعالى - فبطل تعلقهم بفعل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في ذلك ، وما نعلمهم شغبوا بشيء غير هذا .
فإن قالوا : قد كان قتله - بلا خلاف - مباحا قبل الإسار ، فهو على ذلك بعد الإسار حتى يمنع منه نص ، أو إجماع ؟ قلنا لهم : هذا باطل ، وما حل قتله قط قبل الإسار مطلقا ، لكن حل قتله ما دام باغيا مدافعا ، فإذا لم يكن باغيا مدافعا : حرم قتله - وهو إذا أسر فليس حينئذ باغيا ، ولا مدافعا : فدمه حرام .
وكذلك لو ترك القتال وقعد مكانه ولم يدافع لحرم دمه - وإن لم يؤسر - وبالله تعالى التوفيق .
وإنما قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } ولم يقل : قاتلوا التي تبقى ، والقتال والمقاتلة فعل من فاعلين ، فإنما حل قتال الباغي ، ومقاتلته ، ولم يحل قتله قط في غير المقاتلة ، والقتال ، فهذا نص القرآن - وبالله تعالى التوفيق .
فإن قالوا نقيسه على المحارب ؟ قلنا : المحارب المقدور عليه يقتل إن رأى الإمام ذلك قبل تمام الحرب وبعدها بلا خلاف في أن حكمه في كلا الأمرين سواء - وأيضا فليس يختلف أحد في أن حكم الباغي غير حكم المحارب ، وبالتفريق بين حكمهما جاء القرآن .
[ ص: 333 ] قَتْلُ أَهْلِ الْبَغْيِ 2158 - مَسْأَلَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=9720_9721_9718_9537قَتْلُ أَهْلِ الْبَغْيِ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ } الْآيَةَ .
فَكَانَ قِتَالُ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ : قِتَالِ الْبُغَاةِ ، وَقِتَالِ الْمُحَارِبِينَ - فَالْبُغَاةُ قِسْمَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا قِسْمٌ خَرَجُوا عَلَى تَأْوِيلٍ فِي الدِّينِ فَأَخْطَئُوا فِيهِ ،
كَالْخَوَارِجِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُمْ مِنْ سَائِرِ الْأَهْوَاءِ الْمُخَالِفَةِ لِلْحَقِّ .
وَإِمَّا قِسْمٌ أَرَادُوا لِأَنْفُسِهِمْ دُنْيَا فَخَرَجُوا عَلَى إمَامِ حَقٍّ ، أَوْ عَلَى مَنْ هُوَ فِي السِّيرَةِ مِثْلُهُمْ ، فَإِنْ تَعَدَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ إلَى إخَافَةِ الطَّرِيقِ ، أَوْ إلَى أَخْذِ مَالِ مَنْ لَقُوا ، أَوْ سَفْكِ الدِّمَاءِ هَمَلًا : انْتَقَلَ حُكْمُهُمْ إلَى حُكْمِ الْمُحَارِبِينَ ، وَهُمْ مَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْبُغَاةِ .
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ يُبَيِّنُ حُكْمَهُمْ : مَا نا
هِشَامُ بْنُ سَعْدِ الْخَيْرِ نا
عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ نا
الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُجَيْرَمِيُّ نا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=17417يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12341أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ ،
وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، كِلَاهُمَا قَالَ : عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَخْبَرَتْنَا أُمُّنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48004أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَإِنَّمَا قَتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانُوا مُتَأَوِّلِينَ تَأْوِيلَهُمْ فِيهِ - وَإِنْ أَخْطَئُوا الْحَقَّ - مَأْجُورُونَ أَجْرًا وَاحِدًا : لِقَصْدِهِمْ الْخَيْرَ .
[ ص: 334 ] وَيَكُونُ مِنْ الْمُتَأَوِّلِينَ قَوْمٌ لَا يُعْذَرُونَ ، وَلَا أَجْرَ لَهُمْ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ نا أَبِي نا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ نا
خَيْثَمَةَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16072سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ قَالَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22960سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ ، لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16893مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13726سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ - عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48006أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ ، سِيمَاهُمْ التَّحَالُقُ ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ ، أَوْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ ، تَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ } وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَصٌّ جَلِيٌّ بِمَا قُلْنَا ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَذَمَّهُمْ أَشَدَّ الذَّمِّ ، وَأَنَّهُمْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ ، وَأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ .
فَصَحَّ أَنَّ أُولَئِكَ أَيْضًا : مُفْتَرِقُونَ ، وَأَنَّ الطَّائِفَةَ الْمَذْمُومَةَ تَقْتُلُهَا أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ الْمُفْتَرِقَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الِافْتِرَاقِ تَفَاضُلًا ، وَجَعَلَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ الْمُفْتَرِقَتَيْنِ لَهَا دُنُوٌّ مِنْ الْحَقِّ - وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَوْلَى بِهِ - وَلَمْ يَجْعَلْ لِلثَّالِثَةِ شَيْئًا مِنْ الدُّنُوِّ إلَى الْحَقِّ .
فَصَحَّ أَنَّ التَّأْوِيلَ يَخْتَلِفُ ، فَأَيُّ طَائِفَةٍ تَأَوَّلَتْ فِي بُغْيَتِهَا طَمْسًا لِشَيْءٍ مِنْ السُّنَّةِ ، كَمَنْ قَامَ بِرَأْيِ
الْخَوَارِجِ لِيُخْرِجَ الْأَمْرَ عَنْ
قُرَيْشٍ ، أَوْ لِيَرُدَّ النَّاسَ إلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ الرَّجْمِ ، أَوْ تَكْفِيرِ أَهْلِ الذُّنُوبِ ، أَوْ اسْتِقْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ قَتْلِ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ ، وَإِظْهَارِ الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ الْقَدَرِ ، أَوْ إبْطَالِ الرُّؤْيَةِ ، أَوْ إلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ شَيْئًا إلَّا حَتَّى يَكُونَ ، أَوْ إلَى الْبَرَاءَةِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ إبْطَالِ الشَّفَاعَةِ ، أَوْ إلَى إبْطَالِ الْعَمَلِ بِالسُّنَنِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا إلَى الرَّدِّ إلَى مَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الزَّكَاةِ ، أَوْ مِنْ أَدَاءِ حَقٍّ مِنْ مُسْلِمٍ ، أَوْ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى : فَهَؤُلَاءِ لَا يُعْذَرُونَ بِالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ ; لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ تَامَّةٌ .
[ ص: 335 ] وَأَمَّا مَنْ دَعَا إلَى تَأْوِيلٍ لَا يَحِلُّ بِهِ سُنَّةٌ ، لَكِنْ مِثْلَ تَأْوِيلِ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ فِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ قَتَلَةِ
عُثْمَانَ قَبْلَ الْبَيْعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ : فَهَذَا يُعْذَرُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إحَالَةُ شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ ، وَإِنَّمَا هُوَ خَطَأٌ خَاصٌّ فِي قِصَّةٍ بِعَيْنِهَا لَا تَتَعَدَّى .
وَمِنْ قَامَ لِعَرَضِ دُنْيَا فَقَطْ ، كَمَا فَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=17374يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17065وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16491وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فِي الْقِيَامِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَكَمَا فَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=17068مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي الْقِيَامِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17358يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ ، وَكَمَنْ قَامَ أَيْضًا عَنْ
مَرْوَانَ ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُعْذَرُونَ ، لِأَنَّهُمْ لَا تَأْوِيلَ لَهُمْ أَصْلًا ، وَهُوَ بَغْيٌ مُجَرَّدٌ .
وَأَمَّا مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9516دَعَا إلَى أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ ، وَإِظْهَارِ الْقُرْآنِ ، وَالسُّنَنِ ، وَالْحُكْمِ بِالْعَدْلِ : فَلَيْسَ بَاغِيًا ، بَلْ الْبَاغِي مَنْ خَالَفَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَهَكَذَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=9516أُرِيدَ بِظُلْمٍ فَمَنَعَ مِنْ نَفْسِهِ - سَوَاءٌ أَرَادَهُ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ - وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إنَّ السُّلْطَانَ فِي هَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ ، وَلَا يُحَارَبُ السُّلْطَانُ وَإِنْ أَرَادَ ظُلْمًا .
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12341أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ أَنَّ رِجَالًا سَأَلُوا
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنَ سِيرِينَ فَقَالُوا : أَتَيْنَا
الْحَرُورِيَّةَ زَمَانَ كَذَا وَكَذَا ، لَا يَسْأَلُونَ عَنْ شَيْءٍ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ مَنْ لَقُوا ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ : مَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا كَانَ يَتَحَرَّجُ مِنْ قَتْلِ هَؤُلَاءِ تَأَثُّمًا ، وَلَا مِنْ قَتْلِ مَنْ أَرَادَ قِتَالَك إلَّا السُّلْطَانَ ، فَإِنَّ لِلسُّلْطَانِ نَحْوًا .
وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا : السُّلْطَانُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
أَيُّوبَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12134أَبِي قِلَابَةَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48007 : أَرْسَلَ nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ إلَى عَامِلٍ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَهْطَ فَبَلَغَ ذَلِكَ nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَلَبِسَ سِلَاحَهُ هُوَ وَمَوَالِيهِ وَغِلْمَتُهُ ، وَقَالَ : إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ - مَظْلُومًا - فَهُوَ شَهِيدٌ . }
وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48008إنَّ nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ تَيَسَّرَ لِلْقِتَالِ دُونَ الْوَهْطِ ، ثُمَّ قَالَ : مَالِي لَا أُقَاتِلُ دُونَهُ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ } .
[ ص: 336 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنِي
سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ أَنَّ
ثَابِتًا مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ بَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَبَيْن
عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَا كَانَ وَتَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ رَكِبَ
خَالِدُ بْنُ الْعَاصِ - هُوَ ابْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيّ - إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَوَعَظَهُ ، فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48009مَنْ قُتِلَ عَلَى مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَهَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ وَبِحَضْرَةِ سَائِرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يُرِيدُ قِتَالَ
عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَامِلَ أَخِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إذْ أَمَرَهُ بِقَبْضِ " الْوَهْطِ " وَرَأَى
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ أَخْذَهُ مِنْهُ غَيْرُ وَاجِبٍ ، وَمَا كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِيَأْخُذَ ظُلْمًا صُرَاحًا ، لَكِنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ تَأَوَّلَهُ بِلَا شَكٍّ ، وَرَأَى
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَقٍّ ، وَلَبِسَ السِّلَاحَ لِلْقِتَالِ ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهَكَذَا جَاءَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وَأَبِي سُلَيْمَانَ ، وَأَصْحَابِهِمْ : أَنَّ الْخَارِجَةَ عَلَى الْإِمَامِ إذَا خَرَجَتْ سُئِلُوا عَنْ خُرُوجِهِمْ ؟ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةٌ ظُلِمُوهَا أُنْصِفُوا ، وَإِلَّا دُعُوا إلَى الْفَيْئَةِ ، فَإِنْ فَاءُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا ، وَلَا نَرَى هَذَا إلَّا قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ أَيْضًا .
فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَرُدَّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا الرَّدَّ إلَيْهِ ، إذْ يَقُولُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } .
فَفَعَلْنَا : فَلَمْ نَجِدْ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ فِي قِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ عَلَى الْأُخْرَى بَيْنَ سُلْطَانٍ وَغَيْرِهِ ، بَلْ أَمَرَ تَعَالَى بِقِتَالِ مَنْ بَغَى عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ - عُمُومًا - حَتَّى يَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36996مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ } أَيْضًا - عُمُومٌ - لَمْ يَخُصَّ مَعَهُ سُلْطَانًا مِنْ غَيْرِهِ ، وَلَا فَرْقَ فِي قُرْآنٍ ، وَلَا حَدِيثٍ ، وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ : بَيْنَ مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ ، أَوْ أُرِيدَ دَمُهُ ، أَوْ أُرِيدَ فَرْجُ امْرَأَتِهِ ، أَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ .
[ ص: 337 ] وَفِي الْإِطْلَاقِ عَلَى هَذَا هَلَاكُ الدِّينِ وَأَهْلِهِ ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9613_9612_9628وَمَنْ أُسِرَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ : أَيُقْتَلُ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ : مَا دَامَ الْقِتَالُ قَائِمًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أَسَرَاهُمْ ، فَإِذَا انْجَلَتْ الْحَرْبُ فَلَا يُقْتَلُ مِنْهُمْ أَسِيرٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَتَلَ
ابْنَ يَثْرِبِيٍّ - وَقَدْ أُتِيَ بِهِ أَسِيرًا وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يَحِلُّ أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ أَسِيرٌ أَصْلًا مَا دَامَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً ، وَلَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَرْبِ - وَبِهَذَا نَقُولُ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31391لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ ، أَوْ زِنًى بَعْدَ إحْصَانٍ ، أَوْ نَفْسٌ بِنَفْسٍ } .
وَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى دَمَ الْمُحَارِبِ ، وَأَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَ مَنْ حُدَّ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ شَرِبَهَا فِي الرَّابِعَةِ .
فَكُلُّ مَنْ وَرَدَ نَصٌّ بِإِبَاحَةِ دَمِهِ : مُبَاحُ الدَّمِ ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُبِحْ اللَّهُ تَعَالَى دَمَهُ وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَامُ الدَّمِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } ، وَبِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ } وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِفِعْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا - أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مُسْنَدًا إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَالثَّالِثُ - أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْخَبَرَ إنَّمَا هُوَ فِي
ابْنِ يَثْرِبِيٍّ ارْتَجَزَ يَوْمَ ذَلِكَ ، فَقَالَ :
[ ص: 338 ] أَنَا لِمَنْ يُنْكِرُنِي ابْنُ يَثْرِبِيّ قَاتِلٌ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا وَهِنْدَ الْجَمَلِ ثُمَّ ابْنَ صُوحَانَ عَلَى دِينِ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ
فَأُسِرَ ، فَأُتِيَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهُ : اسْتَبْقِنِي ؟ فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ : أَبْعَدَ إقْرَارِكَ بِقَتْلِ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ :
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا ،
وَهِنْدًا ،
وَابْنَ صُوحَانَ - وَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ - فَإِنَّمَا قَتَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ قَوَدًا بِنَصِّ كَلَامِهِ - وَهُمْ لَا يَرَوْنَ الْقَوَدَ فِي مِثْلِ هَذَا ؟ فَعَادَ احْتِجَاجُهُمْ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِمْ ، وَلَاحَ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ وَلِفِعْلِهِ وَالرَّابِعُ - أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْأُسَرَاءِ فِي الْجَمَلِ
وَصِفِّينَ - عَلَى مَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَبَطَلَ تَعَلَّقَهُمْ بِفِعْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ ، وَمَا نَعْلَمُهُمْ شَغَبُوا بِشَيْءٍ غَيْرَ هَذَا .
فَإِنْ قَالُوا : قَدْ كَانَ قَتْلُهُ - بِلَا خِلَافٍ - مُبَاحًا قَبْلَ الْإِسَارِ ، فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِسَارِ حَتَّى يَمْنَعَ مِنْهُ نَصٌّ ، أَوْ إجْمَاعٌ ؟ قُلْنَا لَهُمْ : هَذَا بَاطِلٌ ، وَمَا حَلَّ قَتْلُهُ قَطُّ قَبْلَ الْإِسَارِ مُطْلَقًا ، لَكِنْ حَلَّ قَتْلُهُ مَا دَامَ بَاغِيًا مُدَافِعًا ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَاغِيًا مُدَافِعًا : حَرُمَ قَتْلُهُ - وَهُوَ إذَا أُسِرَ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ بَاغِيًا ، وَلَا مُدَافِعًا : فَدَمُهُ حَرَامٌ .
وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْقِتَالَ وَقَعَدَ مَكَانَهُ وَلَمْ يُدَافِعْ لَحَرُمَ دَمُهُ - وَإِنْ لَمْ يُؤْسَرْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ } وَلَمْ يَقُلْ : قَاتِلُوا الَّتِي تَبْقَى ، وَالْقِتَالُ وَالْمُقَاتَلَةُ فِعْلٌ مِنْ فَاعِلَيْنِ ، فَإِنَّمَا حَلَّ قِتَالُ الْبَاغِي ، وَمُقَاتَلَتُهُ ، وَلَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُ قَطُّ فِي غَيْرِ الْمُقَاتَلَةِ ، وَالْقِتَالِ ، فَهَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
فَإِنْ قَالُوا نَقِيسُهُ عَلَى الْمُحَارِبِ ؟ قُلْنَا : الْمُحَارِبُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ يُقْتَلُ إنْ رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَرْبِ وَبَعْدَهَا بِلَا خِلَافٍ فِي أَنَّ حُكْمَهُ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ - وَأَيْضًا فَلَيْسَ يَخْتَلِفُ أَحَدٌ فِي أَنَّ حُكْمَ الْبَاغِي غَيْرُ حُكْمِ الْمُحَارِبِ ، وَبِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ حُكْمِهِمَا جَاءَ الْقُرْآنُ .