[ ص: 189 ] مسألة : ؟ قال قوم أقر كل واحد منهم بقتل قتيل وبرأ أصحابه : روينا من طريق علي عن عبد الرزاق عن معمر الزهري في رجل اتهم بقتله رجلان أخوان فخاف أبوهما أن يقتلا ، فقال أبوهما : أنا قتلته ؟ فقال كل واحد من الأخوين : أنا قتلته ؟ وبرأ بعضهم بعضا ؟ فقال الزهري في ذلك إلى أولياء المقتول فيحلفون قسامة الدم على أحدهم .
قال : لسنا نقول هذا ، بل نقول : إن أولياء المقتول إن صدقوهم كلهم فلهم القود من جميعهم ، أو ممن شاءوا ، ولهم الدية على ما قدمنا أو المفاداة فإن كذبوا بعضهم وصدقوا بعضهم فلهم على من صدقوه القود ، أو الدية ، أو المفاداة ، وقد برئ من كذبوه . أبو محمد
برهان ذلك : أنهم إذا صدقوهم كلهم فقد صح لهم حق القود أو الدية ، بإقرار كل واحد منهم ، وكل حق وجب فلا يسقط إلا بنص ، أو إجماع ، ومن أقر بحق فلا يجوز تحليف المقر له بالحق ، إذ إنما يحلف المدعى عليه إذا أنكر لا المدعي ، فلا يجوز هاهنا تحليف من صدقت دعواه .
وأما إذا كذبوا منهم بعضا فقد برءوا من أكذبوه وسقط حكم الإقرار إذا لم يصدقه المقر له ، كسائر الحقوق ولا فرق .
وكذلك لو كذبوهم كلهم فقد برئ المقرون وبطل إقرارهم ، إذ قد أسقط المقر لهم حقهم في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .
قال : وقول المقر : أنا وحدي قتلت فلانا ولم يقتله هذا معي ، والآخر منكر لتبرئته إياه ، ومقر بقتل ذلك المقتول ، فواجب أن يلزم كل واحد منهما ما أقر به على نفسه ، لأنه إقرار تام ، وتكون تبرئته لمن أبرأ باطلا ، لأنه ليس عدلا فتقبل شهادته ، وحتى لو كان عدلا لما جاز هاهنا قبول شهادته ، لأن الشهادة إنما تقبل في الإيجاب لا في النفي . علي
ولا يختلف اثنان في أن رجلا لو لكانت شهادته فاسدة لا تقبل ، ولا تبرئ المشهود له بها إلا بأن [ ص: 190 ] يزيدوا في شهادتهم إيجابا ، مثل أن يقولوا : وذلك أننا ندري أنه أبرأه من الحق ، أو قد أداه إليه أو نحو هذا - وبالله تعالى التوفيق . ادعى على زيد مالا أو حقا فشهد له عدول بأنه لا شيء له عنده