ومثل من فماله للبائع . باع عبدا وله مال
ومثل من فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع . باع نخلا قد أبرت
ومثل النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان .
وإذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع .
وأخبار كثيرة جاء فيها ذكر البيع ، والقول فيها كلها - كما قلنا آنفا : أن كل هذه الأحكام إنما وردت في البيع والذي أمر بما صح منها هو الذي أخبر وحكم وقال : إنه لا بيع بين المتبايعين ما كانا معا ولم يتفرقا ، أو خير أحدهما الآخر ، فتبا لمن عصاه .
والعجب أن أكثر هذه الأخبار هم مخالفون لما في نصوصها ، فلم يقنعوا بذلك حتى أضافوا إلى ذلك غرور من أحسن الظن في أن أوهموهم ما ليس فيها منه شيء أصلا .
ولا فرق بينهم في احتجاجهم بكل ما ذكرنا في إبطال السنة الثابتة من أن لا بيع بين المتبايعين إلا بعد التفرق بالأبدان أو التخيير ، وبين من احتج بها في إباحة كل بيع لم يذكر فيها من الربا ، والغرر ، والحصاة ، والملامسة ، والمنابذة ، وغير ذلك ، بل هو كله عمل واحد ، نعوذ بالله منه .
ومن عجائبهم احتجاجهم في هذا بالخبر الثابت من أنه { } . لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه
قال : ولولا أن القوم مستكثرون من الباطل ، والخديعة في الإسلام لمن اغتر بهم لم يخف عليهم هذا التطويل بلا معنى . أبو محمد
ونعم ، الخبر صحيح وما اشترى قط أباه من لم يفارق بائعه ببدنه ولا خيره بعد العقد ولا ملكه قط ، بل هو في ملك بائعه كما كان حتى يخيره المبتاع أو يفارقه ببدنه ، فحينئذ يعتق عليه ، وإلا فلا بنص حكم الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 244 ] وذكروا أيضا { } وهذا خبر مكذوب ; لأنه إنما رواه : المسلمون عند شروطهم كثير بن زيد - وهو ساقط - ومن هو دونه ، أو مرسل عن . عطاء
ثم لو صح لكان حجة لنا عليهم ; لأن شروط المسلمين ليست كل شرط بلا خلاف ، بل إنما هي الشروط المأمور بها ، أو المباحة بأسمائها في القرآن وصحيح السنن .
ولو كان ما أوهموا به لكان شرط الزنى ، والقيادة ، وشرب الخمر ، والربا : شروطا لوازم ، وحاش لله من هذا الضلال .
وقد صح عن رسول الله : { } فشرط الله تعالى هو التفرق بالأبدان بعد العقد للبيع أو التخيير ، وإلا فلا شرط هنالك يلزم أصلا - وأعجب شيء احتجاج بعضهم بأن من باع بيعا على أنه ثابت بلا خيار أن الخيار ساقط . كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل كتاب الله أحق وشرط الله أوثق
قال : ليت شعري من وافقهم على هذا الجنون ؟ لا ، ولا كرامة بل لو أن متبايعين عقدا بيعهما على إسقاط الخيار الواجب لهما قبل التفرق بأبدانهما ، وقبل التخيير لكان شرطا ملعونا ، وعقدا فاسدا ، وحكم ضلال لأنهما اشترطا إبطال ما أثبته الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . أبو محمد
وموهوا أيضا بأن قالوا : لما كان عقد النكاح ، وعقد الطلاق ، وعقد الإجارة ، والخلع ، والعتق ، والكتابة تصح ، ولا يراعى فيها التفرق بالأبدان وجب مثل ذلك في البيع .
قال : وهذا قياس والقياس كله باطل ، ثم لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل ، لإجماعهم معنا على أن كل حكم من هذه التي ذكروا له أحكام وأعمال مخالفة لسائرها ، لا يجوز أن يجمع بينهما فيه ، فالبيع ينتقل فيه ملك رقبة المبيع وثمنه ، وليس ذلك في شيء من الأحكام التي ذكروا ، والنكاح فيه إباحة فرج كان محرما بغير ملك رقبته ولا يجوز فيه اشتراط خيار أصلا ولا تأجيل . أبو محمد
وهم يجيزون الخيار المشترط في البيع والتأجيل ، ولا يرون قياس أحدهما على الآخر في ذلك جائزا ، والطلاق تحريم فرج محلل إما في وقته وإما إلى مدة بغير نقل [ ص: 245 ] ملك ، ولا يجوز فيه اشتراط بعد إيقاعه أصلا ، بخلاف البيع - والإجارة إباحة منافع بعوض لا تملك به الرقبة ، بخلاف البيع ، ويجوز في الحر بخلاف البيع ، وهي إلى أجل ولا بد ، إما معلوم وإما مجهول إن كان في عمل محدود ، بخلاف البيع .
والخلع طلاق بمال لا يجوز فيه عندهم خيار مشترط ، بخلاف البيع ، والعتق كذلك ، والكتابة - فظهر سخف قياسهم هذا وأنه هوس وتخليط .
وكم قصة لهم في التخيير في الطلاق أوجبوا فيه الخيار ما داما في مجلسهما وقطعوه بالتفرق بأبدانهما حيث لم يوجبه قط رب العالمين ، ولا رسوله عليه السلام ، ولا قول صاحب ، ولا معقول ، ولا قياس شبه به ، لكن بالآراء الفاسدة ؟ ثم أبطلوه حيث أوجبه الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحمد الله تعالى على السلامة مما ابتلاهم به .