ثالثا: نماذج من التفاعل الحضاري في منهج التربية الإسلامية:
يوصي منهج التربية الإسلامية بتبادل الخير، والتفاعل فيما بين البشر، ويسمـح للمسـلم أن يتبادل المنافع المادية والمعنوية مع البشر جميعا، محكما فيما يأخذه ميزان الإسلام، فكما يعطي المسلمون يمكن أن يأخذوا من غيرهم مادام ما يأخذونه موافقا لتعاليم دينهم.
ومـن أهـم أسباب البحـث عمـا وصـلت إليـه الأمـم الأخـرى من العلوم والمعـارف، هو وجـود الحاجة إلى الاطلاع على ما عندهم، وذلك أنه "لما لم يـكن عنـد العرب رصيـد علمي سابق، فقد أحس المسلمون بالحاجة إلى الاطـلاع عـلى ما كان عنـد غـيرهم من الأمم من العلوم، وهو إحساس لم يشعروا به من قبل، أيام جاهليتهم ولم يتوجهوا إليه" [1] ويتجدد هذا [ ص: 48 ] الإحساس، والبحث عما عند الأمم الأخرى، كلما وجدت الحاجة لذلك في أي عصر من العصور.
ومنهج التربية الإسلامية غني بنماذج حية تدل على استفادة المسلمين من غيرهم في شتى ميادين الحياة الدنيوية، مثل: المجال الاقتصادي، الإداري، الطبي، وفي مجال اللغات، والآلات والمعدات...، غير منسلخين عن عقيدتهم وهويتهم الإسلامية وقيمهم السامية، بل كانوا متمسكين بدينهم، معتزين به، فالأصالة عندهم لا تمنع الاستفادة من ثمار الحضارة المادية، وإنما تمنع الذوبان في بوتقة الأمم الأخرى، وفقدان الشخصية بتأثير النقل عن تلك الأمم.
فعلى سبيل المثال: