1- القدرات البشرية:
تعتمـد الحضارة بداية عـلى دخـول الإنسـان في مرحلة القـدرة على تطـوير إمكاناته العقـلية في مختـلف المجالات، بحيث تبرز لديه الملكات الإبداعية في الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يمكنه من وضع الأسس والنظم اللازمة للسلوك والفعل الحضـاري. وهـو ما يميزه عن إنسـان المرحـلة البدائية. فكانت تحركاته تقع ضمن سلوكيات الكائنات الحية الأخرى، التي تفتقر إلى التنظيم الاجتماعي والثقافي.
وفي هـذا يرى مـالك بن نبي أن الإنسـان هـو العنـصر الفاعـل في وجـود الحضارة، إذ أن له الدور الأكبر في هذا المجال، ليس فقط لأنه الشـرط الأسـاسي للفعـل الحضـاري، وإنما أيضـا لأنه هـو الذي يحدد [ ص: 30 ] قيمته الاجتمـاعية. وهـذا يعني أن نشوء الحضـارة وتطورها منـوط به [1] ، وهـذا ما يجعـل منها تعبـيرا عـن مراحـل إنسـانية تطـورية متقـدمة، توفر الخـبرة، التي تسـاعد على الانتقال من إنجاز إلى آخر، وصولا إلى الحالة المثالية.