سابعا: العناية بفروض الدين:
يجد إمام المسلمين أن من واجباته المهمة أن يحفظ فروض دينه، ليس في نفسه فحسب، بل في أمته أيضا؛ لأن ثلم هذه الفروض، يعني ثلما في الدين، وهذا الثلم لا يبقى على حاله بل يتسع ويزيد حتى يأتي الأمر على الدين كله. هكذا كانت الأمور بالنسبة لعمر رضي الله عنه فكانت الصلاة من أهم الأمور إليه، فهي ميزة المسلمين وشعارهم، أليس من أقامها قد أقام الدين؟! أو ليس من صلحت صلاته صلح سائر عملـه؟! لذلك لم يبلغ شـيء عند عـمر رضي الله عنه من العناية ما بلغته الصلاة، فقـد كتب إلى عماله: "إن أهم أموركم عندي الصـلاة، [ ص: 73 ] من حفظها وحافظ عليها حفـظ دينه، ومن ضيعها فهو لسواها أضيع" [1] . ولما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي، غشي عليه، ولم يجد الناس طريقة يجعلوه يفيق من غيبوبته إلى أن نادى أحدهم عند رأسه: الصلاة يا أمير المؤمنين! ففتح عمر رضي الله عنه عينيه وقال: أصلى الناس [2] ؟
وكان من دأبه في الصلاة العناية بتسوية الصفوف، وأوكل ذلك إلى رجل، ولا سيما في صلاة الصبح، يقوم بتسوية الصفوف واتصالها: فإذا تمت وجه نظره إلى المناكب والأقدام [3] لتسوية ما فيه خلل. وكان يلحظ الناس في صلواتهم، فنبه أحدهم على عدم العبث بالحصى الذي فرشت به أرض المسجد، في أثناء الصلاة [4] ؛ ونبه آخر على أن تكون صلاته إلى سترة تحول دون مرور الناس أمامه في الصلاة [5] ؛ وجمع الناس على صلاة القيام في رمضان (التراويح) بعدما صلوها فرادى، وجعل لهم قارئين، أحدهما للرجال والآخر للنساء [6] .
كما أظهر عمر رضي الله عنه عنايته بالزكاة، فكتب إلى عماله وولاته مبينا لهم الأموال المشمولة بالزكاة ومقدار أنصبتها [7] ، حتى يكونوا على بينة من أمرهم، وليبينوا ذلك للناس أيضا. وكان إذا مر بالناس حثهم على أداء الزكاة منبها [ ص: 74 ] ومعلما [8] . وقال مؤكدا أهمية الزكاة: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها في فقراء المهاجرين" [9] .
وكان اهتمام عمر رضي الله عنه بالحج كبيرا، فهو مؤتمر المسلمين ومحل اجتماعهم ولقائهم وتعارفهم وتعاونهم وتماسكهم. فكان يعلم الناس مناسك حجهم، وينبه المخالف والمخطئ [10] ، مؤكدا أن دوره بوصفه إماما للمسلمين يضعه في موضع المسؤول عن سلامة دينهم، وسلامة إقامته على الوجه الموافق للكتاب والسنة.