8- استعراض القوة
إذ يشعر أحد أطراف الأزمة بامتلاكه لقوة متفوقة فيرغب بإجراء اختبار ميداني لها للتأثير على أطراف أضعف، ومع تتابع الأحداث تظهر الأزمة لدى الطرف الذي لا يتمكن من مواجهة التبعات [1] . [ ص: 64 ]
9- تشويه المعلومات المتاحة حين لا تناسب رغباتنا
فقد تتوفر المعلومة وتكشف عن مشكلة ما وخطر قادم، ويتوفر لنا الوقت لتخفيف آثار الخطر، إلا أننا نفوت الفرصـة لعدم رغبتنا بتصـديق المعلومة، كما حدث مع علي والزبير، رضي الله عنهما، إذ استجوبا راعيين لقريش يوم بدر والرسول صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فقالا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء؛ فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما فلما آذوهما قالا: نحن لأبي سفيان فتركوهما، وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتيه ثم سلم وقال: ( إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما! صدقا، والله إنهما لقريش. ثم سأل الراعيين: أخبراني عن قريش؟ قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى، ثم دعاهما فقال: لمن أنتما؟ فأخبراه، ثم قال: أين قريش؟ قالا: خلف هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى من الوادي، قال: وكم هم؟ قالا: هم كثير، قال: ما عددهم؟ قالا: ما ندري، قال: فكم تنحر في اليوم؟ قالا: يوما عشرا ويوما تسعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم بين التسعمائة إلى الألف، ثـم قال لهمـا: فمن من أشراف قريش؟ فسميا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة في رجال من قريش ) [2] .
وتلاحظ أن سبب الأزمة هنا مرتبط بنقص المعلومة؛ مع أنها كانت متاحة، فعـلي والزبير، رضي الله عنه،لم يتمكنا من أخـذ المعلومة؛ لأنهما ما تقبلا أن تكون خلافا لرغبتهم بمواجهة قافلة لا جيشا، غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم [ ص: 65 ] تمكن من محاورة الغلامين ومعرفة معلومات كاملة عن الجيش وعدده، وهي معلومات متاحة غير أنها تحتاج إلى أن لا ترفض إذا كانت خلاف ما نحب أو نرغب.