وهو المشار إليه بقوله : القسم الثاني من انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك
( وإن كان غالبها ) أي غالب أحوال غيبته ( الهلاك ، كمن غرق مركبه فسلم قوم دون قوم ، أو فقد من بين أهله ، كمن يخرج إلى الصلاة ) فلا يعود ( أو ) يخرج ( إلى حاجة قريبة فلا يعود ، أو ) فقد ( في مفازة مهلكة ، كمفازة الحجاز ) قال في المبدع : مهلكة بفتح الميم واللام ، ويجوز كسرهما حكاهما أبو السعادات ، ويجوز ضم الميم مع كسر اللام اسم فاعل من أهلكت فهي مهلكة ، وهي أرض يكثر فيها الهلاك انتهى .
وتسميتها مفازة تفاؤلا ( أو ) فقد ( بين الصفين حال التحام القتال انتظر تمام أربع سنين منذ فقد ; ) لأنها مدة يتكرر فيها تردد المسافرين والتجار ، فانقطاع خبره عن أهله مع غيبته على هذا الوجه يغلب ظن الهلاك إذ لو كان باقيا لم ينقطع خبره إلى هذه الغاية ; فلذلك حكم بموته في الظاهر ( فإن لم يعلم خبره ) بعد التسعين في القسم الأول أو الأربع في القسم الثاني ( قسم ماله ) بين ورثته ( واعتدت امرأة عدة الوفاة وحلت للأزواج ) لاتفاق الصحابة على ذلك ( ويأتي ) ذلك ( في العدد ) موضحا ( ويزكى ماله لما مضى قبل قسمه ) ; لأن الزكاة حق واجب في المال ، فيلزم أداؤها .
( ولا يرثه ) أي المفقود ( إلا الأحياء من ورثته وقت قسم ماله ) وهو عند تتمة المدة من التسعين ، أو الأربع على ما تقدم ; لما سبق أن من شروط الإرث : تحقق حياة الوارث عند موت الموروث ، وهذا الوقت بمنزلة وقت موته .
و ( لا ) يرث من المفقود ( من مات ) من ورثته ( قبل ذلك ) أي الوقت الذي يقسم ماله فيه ; لأنه بمنزلة من مات في حياته ; لأنها الأصل [ ص: 466 ] ( فإن ( ورجع على من أخذ الباقي ) بعد الموجود بمثل مثلي وقيمة متقوم ; لتعذر رده بعينه . قدم ) المفقود ( بعد قسمه ) أي المال ( أخذ ما وجده ) من المال ( بعينه ) بيد الوارث أو غيره ; لأنه قد تبين عدم انتقال ملكه عنه
وهي المدة التي قلنا ينتظر به فيها ( أخذ كل وارث ) غير المفقود من تركة المتوفى ( اليقين ) وهو ما لا يمكن أن ينقص عنه من حياة المفقود أو موته ، ( ووقف الباقي ) حتى يتيقن أمره أو تمضي مدة الانتظار ; لأنه مال لا يعلم الآن مستحقه أشبه الذي ينقص نصيبه بالحمل . ( وإن مات موروثه ) أي من يرثه المفقود ( في مدة التربص )
( وطريق العمل في ذلك ) أي في معرفة اليقين ( أن تعمل المسألة على أنه ) أي المفقود ( حي ) وتصححها ( ثم تعمل ) المسألة ( على أنه ميت ) وتصححها ( ثم تضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو ) تضرب إحداهما ( في وفقها ) أي الأخرى ( إن اتفقتا ، وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا ، و ) تجتزئ ( بأكثرهما إن تداخلتا ) وفائدة هذا العمل : تحصيل أقل عدد ينقسم على المسألتين ليعلم اليقين ( وتدفع إلى كل وارث اليقين وهو أقل النصيبين ) ; لأن ما زاد عليه مشكوك في استحقاقه له .
( ومن سقط في إحداهما ) أي إحدى المسألتين ( لم يأخذ شيئا ) ; لأن كلا من تقدير الحياة أو الموت معارض باحتمال ضده ، فلم يكن له شيء متيقن ومن أمثلة ذلك لو . مات أبو المفقود وخلف ابنه المفقود وزوجة وأما وأخا
فالمسألة على تقدير الحياة من أربعة وعشرين للزوجة ثلاثة وللأم أربعة وللابن المفقود سبعة عشر ، ولا شيء للأخ ، وعلى تقدير الموت من اثني عشر ، للزوجة ثلاثة وللأم أربعة ، وللأخ خمسة والمسألتان متناسبتان فتجتزئ بأكثرهما وهي أربعة وعشرون للزوجة منها على تقدير الحياة ثلاثة ، وهي الثمن من أربعة وعشرين وعلى تقدير الموت لها ثلاثة من اثني عشر ، وهي الربع مضروبة في مخرج النسبة بين المسألتين وهي اثنان ; لأن نسبة الاثني عشر إلى الأربعة والعشرين نصف .
ومخرج النصف اثنان والحاصل من ضرب ثلاثة في اثنين ستة فتعطيها الثلاثة ; لأنها أقل ، وللأم على تقدير الحياة أربعة من أربعة وعشرين وهي السدس وعلى تقدير الموت أربعة من اثني عشر في اثنين بثمانية فتعطيها الأربعة ، وللأخ من مسألة الموت وحدها خمسة في اثنين بعشرة ، ولا شيء له من مسألة الحياة ، فلا تعطيه شيئا وتقف السبعة عشر .
( فإن بان ) المفقود كالابن في المثال ( حيا يوم موت موروثه فله حقه ) وهو السبعة عشر الموقوفة في [ ص: 467 ] المثال ; لأنه قد تبين أنها له .
( والباقي ) إن كان ( لمستحقه ) من الورثة ( وإن بان ) المفقود ( ميتا ) ولو لم يتحقق أنه قبل موت مورثه فالموقوف لورثة الميت الأول ; لانتفاء شرط إرثه ( أو مضت مدة تربصه ولم يبن حاله ) بأن ، لم تعلم حياته بقدومه أو غيره حين موت موروثه ولم يعلم موته حين ذاك ( فالموقوف لورثة الميت الأول ) قطع به في المغني ، وقدمه في الرعايتين .
والمذهب أنه إن لم يعلم موت المفقود حين موت مورثه فحكم ما وقف له كبقية ماله ، فيورث عنه ويقضى منه دينه في مدة تربصه ، وينفق منه على زوجته وبهيمته ; لأنه لا يحكم بموته إلا عند انقضاء زمن تربصه ، صححه في الإنصاف والمحرر والنظم وقطع به في الكافي والوجيز وشرح ابن منجا والمنتهى ( ولباقي الورثة أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيبه ) أي المفقود ( فيقتسموه ) لأن الحق فيه لا يعدوهم ( كأخ مفقود في الأكدرية ) بأن ( مسألة الحياة ) من ثمانية عشر ، للزوج تسعة ، وللأم ثلاثة وللجد ثلاثة ، وللأخت واحدة ، وللمفقود اثنان . ماتت أخت المفقود زمن تربصه عن زوج وأم وأخت وجد وأخيها المفقود
( و ) مسألة ( الموت من ) سبعة وعشرين للزوج تسعة ، وللأم ستة ، وللجد ثمانية ، وللأخت أربعة ، وبين المسألتين موافقة بالاتساع ، فتضرب تسع أحدهما في الأخرى تبلغ أربعة وخمسين ، ( للزوج ثلث المال ) ثمانية عشر ; لأنه اليقين ( وللأم سدس ) المال تسعة ; لأنه أقل ما ترثه من المسألتين ( وللجد تسعة ) بتقديم التاء على السين وهي السدس من مسألة الحياة ; لأنه أقل ما يرثه في الحالين ( وللأخت منها ) أي من مسألة الحياة ( ثلاثة ) لأنها اليقين .
( ويبقى خمسة عشر موقوفة ) حتى يتبين الحال ، أو تمضي مدة التربص ( للمفقود بتقدير حياته ستة ) ; لأن له مثل ما للأخت ( وتبقى تسعة زائدة عن نصيبه ) أي المفقود بين الورثة لا حق له فيها فلهم أن يصطلحوا عليها ; لأنها لا تخرج عنهم ( ولهم ) أي الورثة ( أن يصطلحوا على كل الموقوف إذا لم يكن للمفقود فيه حق ، بأن يكون ) المفقود ( ممن يحجب غيره ) من الورثة .
( ولا يرث كما لو ) فعلى تقدير الحياة للأم السدس ، والباقي بين الجد والأختين على أربعة . خلف الميت أما وجدا وأختا لأبوين وأختا لأب مفقود
وتصح من أربعة وعشرين للأم السدس أربعة وللجد عشرة ، ولكل واحدة من الأختين خمسة ثم تأخذ الأخت من الأبوين ما سمي لأختها فيصير معها عشرة لما تقدم في مسائل المعادة وعلى تقدير [ ص: 468 ] الموت ، للأم الثلث ويبقى الثلثان بين الجد والأخت على ثلاثة وتصح من تسعة للأم ثلاثة وللجد أربعة وللأخت سهمان وبين المسألتين توافق بالأثلاث ، فاضرب ثلث إحداهما في الأخرى يبلغ اثنين وسبعين للأم اثنا عشر ، وللجد ثلاثون ، وللأخت ستة عشر ، يبقى أربعة عشر موقوفة بينهم لا حق للمفقود فيها ( وكذا إن كان ) المفقود ( أخا لأب عصب أخته مع زوج وأخت لأبوين ) فمسألة الحياة من اثنين ، للزوج واحد ، وللشقيقة واحد .
ومسألة الموت من ستة وتعول إلى سبعة للزوج ثلاثة والشقيقة ثلاثة ، وللأخت لأب واحد فتضرب اثنين في سبعة للتباين بأربعة عشر ، للزوج ستة ، وللشقيقة مثله يبقى اثنان موقوفان لا حق للمفقود فيها .
( وإن حصل لأسير ) شيء من ريع وقف عليه حفظه وكيله ، ومن ينتقل الوقف إليه جميعا قاله الشيخ تقي الدين ( ولا ينفرد أحدهما بحفظه ) قال في الفروع : ويتوجه وجه يكفي وكيله .
قال في الإنصاف : ويتوجه أن يحفظه الحاكم إذا عدم الوكيل ( فكمفقود ) إذا مات أحد من الواطئين لأمه وقف له نصيبه منه على تقدير إلحاقه به ، وإن لم يرج زوال إشكاله بأن عرض على القافة فأشكل عليهم ونحو ذلك ، لم يوقف له شيء ( ومفقودان فأكثر كخناثى في التنزيل ) بعدد أحوالهم لا غير ، دون العمل بالحالين قاله في الرعاية الكبرى ( ومن أشكل نسبه ) من عدد محصور ورجي انكشافه مسألة حياتهما من خمسة عشر وحياة إحداهما من ثلاثة عشر وموتهما من ستة فتضرب ثلث الستة في خمسة عشر ثم في ثلاثة عشر ، تكن ثلثمائة وتسعين ، ثم تعطي الزوج والأبوين حقوقهم من مسألة الحياة مضروبة في اثنين ، ثم في ثلاثة عشر وتقف الباقي قاله في المغني والشرح بعد ذكرهما هذا المثال . فزوج وأبوان وابنتان مفقودتان
وإن كان في المسألة ثلاثة مفقودون عملت لهم أربع مسائل وإن كانوا أربعة عملت خمس مسائل وعلى هذا ( فيعينه ) أي فيؤمر بتعيينه ; لأن في تركه تضييعا لنسبه وإن كان توأمان ثبت نسبهما كما يعلم مما يأتي فيما يلحق من النسب ( فإن مات قبل أن يعينه ، عينه وارث ) لقيامه مقام مورثه ( فإن تعذر ) الوارث أو كان لا يعلمه ( أري القافة ) كل منهما فمن ألحقته به تعين . ( ولو قال رجل ) أو امرأة عن مجهولي النسب : ( أحد هذين ابني ) مع إمكان كونهما منه ( ثبت نسب أحدهما ) منه مؤاخذة له بإقراره
( فإن تعذر ) أن يرى القافة بأن مات أيضا أولم توجد ، أو أشكل عليها ( عين أحدهما بالقرعة ) أي أقرع بينهما فمن خرجت [ ص: 469 ] له القرعة عتق إن كانا رقيقيه ، كما لو قال : أحدهما حر ثم مات قبل أن يعينه وقد تبع المصنف الفروع في العبارة قال في شرح المنتهى : وفي بعض نسخ الفروع عين بالبناء للمفعول من التعيين والظاهر أنه تصحيف ، وأن الصواب عتق أو أن معناها عين المعتق فإن قال عقب ذلك : ( ولا مدخل للقرعة في النسب على ما يأتي ) ولا يرث ولا وقف ويصرف نصيب ابن لبيت المال ذكره في المنتخب عن للعلم باستحقاق أحدهما . القاضي