المبحث السادس: تنزيل المقاصد
قيمة تنزيل المقاصد
يعد تنزيل المقاصد الشطر الثاني والأساس الضروري بعد الفهم والاستيعاب، إذ من شروط الاجتهاد والإفتاء: فهم مقاصد الشريعة على كمالها، وكذلك التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها [1] وهو -أي تنزيل المقاصد- وإن كان كجزء من وسيلة الاستنباط، يعرف به كيف استنبط المجتهدون أيضا، إلا أنه في ذاته فقه في الدين وعلم بنظام الشريعة ووقوف على أسس التشريع [2] ومن دواعي أهمية التطبيق المقاصدي ومبرراته، يمكن إيراد ما يلي :
- طبيعة النصوص والأدلة والآثار المنطوية على مقاصدها ومصالحها جلبا، ومفاسدها وأضرارها درءا.
- طبيعة الحوادث والمستجدات الكونية والإنسانية التي تقتضي المعالجة الشرعية لها وفق المنظور المقاصدي المتين، ومن ثم فإن تطبيق المقاصد في حياة الناس أمر لا بد منه ولا محيد عنه، حتى تستقيم الحوادث ويصلح الخلق وتتحقق الأحكام والتعاليم والقيم. [ ص: 61 ]
مراحل تنزيل المقاصد
1- فهم المقصد الجـزئي أو علة الحكم، والعمل على تحديده وفق طرق إثبات المقاصد المقررة.
2- النظر في تعدية المقصد الجزئي، لأن التعدي مع الجهل بالعلة، تحكم من غير دليل [3] 3- فهم المقصد الكلي وتحديده من خلال عملية الاستقراء أو التقرير وغير ذلك.
4- النظر في مستجدات الوقائع والحوادث، والعمل على إدراجها ضمن تلك المقاصد الكلية وفق ما يعرف بالاستصلاح المرسل أو الاستحسان وقد عبر عن هذا بتعبيرات كثيرة منها القياس الكلي، والمصلحي، والواسع، وقياس المصالح المرسلة، والمقاصد العالية [4] وقد جاء عن ابن عاشور فصل بعنوان: ( أحكام الشريعة قابلة للقياس عليها، باعتبار العلل والمقاصد القريبة والعالية ) [5] [ ص: 62 ]