طوائـف الشـيوخ
بادئ ذي بدء، يجب أن نلاحظ حضور الشيوخ في مختلف المجتمعات الإسلامية، سواء في القارة الأفريقية، أو في آسيا ، أو في المشرق العربي، لا عبرة للاسم الذي يطلق عليهم هـنا أو هـناك: يسمونهم بـ (ألفا ) تارة و بـ (سريج ) وحينا بـ (مورو ) وآخر بالمرابط، ومن هـذه الكلمة الأخيرة جاءت اللفظة الفرنسية " mARABOUT " بيد أن تباين هـذه الأسماء في هـذا القطر أو ذاك من العالم الإسلامي ليس إلا لفظيا، لأن الوظيفة الاجتماعية والدينية المنوطة بهم تكاد تكون واحدة في تلك [ ص: 121 ] المجتمعات كلها؛ وإذا كان هـناك اختلاف فلا يتعدى أن يكون ناجما عن تباين معطيات الظروف التاريخية والبيئية، ومدى الوعي، ومبلغ المستوى الحضاري لهذا المجتمع الإسلامي أو ذاك؛ فصورة الشيخ التي سيأتي رسمها قد لا تعكس في تفاصيلها كلها صورة شيخ يعيش تحت سماء أخرى، ولكنها بالتأكيد تصور الملامح العامة لشيوخ الدين في العالم الإسلامي.
يتلخص دور الشيخ في المجتمع السنغالي في نشر العقيدة الإسلامية والأفكار الصوفية، والقيام بتربية الصغار وتعليم الكبار، وتنسيق أعمال اجتماعية ودينية من إمامة ورئاسة حفلات: عقد قران ، وعقيقة ، وجنازة ، وأحيانا يتقمص دور الكاهن في المجتمع التقليدي من حيث طمأنة أفراد مجتمعه من هـيجان قوى الطبيعة، وإبطال مفعول السحر الأسود ، بل الشيخ عامل توازن هـام في المجتمع السنغالي؛ يتوسط بين الفرقاء، ويسوي المنازعات العائلية، ويفض الخصومات ، ويصلح ذات البين ؛ على أن نجاحه وفشله منوط بقوة شخصيته، ومدى اتساع صيته، وأصوله الاجتماعية، ووضعه الاقتصادي.