معالم أدب الاختلاف في عصر النبوة
نستطيع على ضوء ما سبق أن نلخص معالم (أدب الاختلاف ) في هـذا العصر بما يلي:
(1) كان الصحابة رضوان الله عليه يحاولون ألا يختلفوا ما أمكن، فلم يكونوا يكثرون من المسائل والتفريعات
[1] ، بل يعالجون ما يقع من النوازل في ظلال هـدي الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ ومعالجة الأمر الواقع - عادة - لا تتيح فرصة كبيرة للجدل فضلا عن التنازع والشقاق.
(2) إذا وقع الاختلاف رغم محاولات تحاشية سارعوا في رد الأمر المختلف فيه إلى كتاب الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وسرعان ما يرتفع الخلاف.
(3) سرعة خضوعهم والتزامهم بحكم الله ورسوله وتسليمهم التام الكامل به.
(4) تصويب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمختلفين في كثير من الأمور التي تحتمل التأويل، ولدى كل منهم شعور بأن ما هـب إليه أخوه يحتمل [ ص: 50 ] الصواب كالذي يراه لنفسه، وهذا الشعور كفيل بالحفاظ على احترام كل من المختلفين لأخيه، والبعد عن التعصب للرأي.
(5) الالتزام بالتقوى وتجنب الهوى، وذلك من شأنه أن يجعل الحقيقة وحدها هـدف المختلفين، حيث لا يهم أي منهما أن تظهر الحقيقة على لسانه، أو على لسان أخيه.
(6) التزامهم بآداب الإسلام من انتقاء أطايب الكلم، وتجنب الألفاظ الجارحة بين المختلفين، مع حسن استماع كل منهما للآخر.
(7) تنزههم عن المماراة ما أمكن، وبذلهم أقصى أنواع الجهد في موضوع البحث، مما يعطي لرأي كل من المختلفين صفة الجد والاحترام من الطرف الآخر، ويدفع المخالف لقبوله، أو محاولة تقديم الرأي الأفضل منه.
تلك هـي أبرز معالم (أدب الاختلاف ) التي يمكن إيرادها.. استخلصناها من وقائع الاختلاف التي ظهرت في عصر الرسالة.