الفصل الثالث
( الهيكل ) الحضاري للرؤية الإسلامية
[1]
بعد هـذا كله.. هـل نطمح إلى استعادة دورنا الحضاري دون أن نتحقق بالشروط الضرورية لإعادة تشكيل العقل الإسلامي المعاصر، تماما كما تشكلت عقول أجدادنا الرواد؟
أبدا.. فدون هـذه الشروط التصورية والمعرفية والمنهجية.. لن نقدر على الإمساك بالحركة التاريخية لكي تمنحنا مكانا تحت الشمس، وترد إلينا دورنا المفقود.. وهو دور (حضاري ) حللنا -بإيجاز- طبيعة وظائفه وأبعاد تحققه التاريخي.. [ ص: 91 ]
ولنا في هـذا المقطع أن نرتد مرة أخرى إلى الجذور..إلى مبادئ الإسلام نفسها لكي ما يلبث أن يتأكد لنا البعد الحضاري الذي يتغلغل في نسيجها.. في محاولة لتصور (الهيكل) الذي يقوم عليه.
وتصبح مسألة إعادة تشكيل العقل الإسلامي المعاصر، ليكون بمستوى الدور الذي يتوخى منه.. ضربة لازب وقدرا محتوما.. وإلا فإن مكاننا ذيل القافلة.. فلن نعرف أبدا ما يجري في المقدمة.. ولا ما يراد بنا.. ولا إلى أين نسير ولن تكون لنا -أبدا- خارطة على صفحة هـذا العالم.
باختصار يناسب حجم هـذه المحاولة.. فإن الهيكل الحضاري للرؤية الإسلامية يمكن أن يتمثل بمثلث متساوي الأضلاع محكم الزوايا أو بمعادلة ذات ثلاثة أطراف أو بعمارة مؤلفة من أدوار ثلاثة، يقوم أحدها على الآخر، ويتناظر معه بتطابق هـندسي معماري مرسوم: الأرضية، والإنسان، وبرنامج العمل..
وسنجد، دون تمحل ولا تشنج ولا تعمد مسبق على حساب المنهج، كيف أن الأطراف الثلاثة هـذه تؤول، من خلال معطياتها الخاصة وطبيعة علاقتها بالطرفين الآخرين إلى موقف حضاري، سداه العمل والإنجاز، ولحمته الكشف والإبداع..
ولنبدأ بالأرضية..