، أن يقول : لله علي أن أشرب الخمر ، أو أقتل النفس المحرمة . وما أشبهه ، فلا يفعل ذلك ، ويكفر كفارة يمين ; وإذا قال : لله علي أن أركب دابتي ، أو أسكن داري ، أو ألبس أحسن ثيابي . وما أشبهه ، لم يكن هذا نذر طاعة ولا معصية ، فإن لم يفعله كفر كفارة يمين ; لأن النذر كاليمين . ونذر المعصية ،
وإذا ، استحب له أن لا يطلقها ، ويكفر كفارة يمين . وجملته أن النذر سبعة أقسام ; أحدها ، نذر أن يطلق زوجته والغضب ، وهو الذي يخرجه مخرج اليمين ، للحث على فعل شيء أو المنع منه ، غير قاصد به للنذر ، ولا القربة ، فهذا حكمه حكم اليمين ، وقد ذكرناه في باب الأيمان . نذر اللجاج
والقسم الثاني ، نذر طاعة وتبرر ; مثل الذي ذكر . فهذا يلزم الوفاء به ; للآيتين والخبرين ، وهو ثلاثة أنواع ; أحدها ، الخرقي كقوله : إن شفاني الله ، فلله علي صوم شهر . [ ص: 68 ] فتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الوجوب بالشرع ، كالصوم والصلاة والصدقة والحج ، فهذا يلزم الوفاء به ، بإجماع أهل العلم . التزام طاعة في مقابلة نعمة استجلبها ، أو نقمة استدفعها ،
النوع الثاني ، كقوله ابتداء : لله علي صوم شهر . فيلزمه الوفاء به في قول أكثر أهل العلم . وهو قول أهل التزام طاعة من غير شرط ، العراق . وظاهر مذهب . وقال بعض أصحابه لا يلزم الوفاء به ; لأن الشافعي أبا عمر غلام ثعلب قال : النذر عند العرب وعد . بشرط . ولأن ما التزمه الآدمي بعوض ، يلزمه بالعقد ، كالمبيع والمستأجر ، وما التزمه بغير عوض لا يلزمه بمجرد العقد كالهبة .
النوع الثالث ، فيلزم الوفاء به ; لأن النذر فرع على المشروع ، فلا يجب به ما لا يجب له نظير بأصل الشرع . ولنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : { نذر طاعة لا أصل لها في الوجوب ، كالاعتكاف وعيادة المريض ، } . وذمه الذين ينذرون ولا يوفون ، وقول الله تعالى : { من نذر أن يطيع الله فليطعه ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون } .
وقد صح { أن قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن أعتكف ليلة في عمر المسجد الحرام ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك } . ولأنه ألزم نفسه قربة على وجه التبرر ، فتلزمه ، كموضع الإجماع ، وكما لو ألزم نفسه أضحية ، أو أوجب هديا ، وكالاعتكاف ، وكالعمرة ، فإنهم قد سلموها ، وليست واجبة عندهم ، وما ذكروه يبطل بهذين الأصلين ، وما حكوه عن أبي عمر لا يصح فإن العرب تسمي الملتزم نذرا ، وإن لم يكن بشرط ، قال جميل :
فليت رجالا فيك قد نذروا دمي وهموا بقتلي يا بثين لقوني
والجعالة وعد بشرط ، وليست بنذر .