[ ص: 38 ] كتاب الحدود ، وهو من الكبائر العظام بدليل قول الله تعالى : { الزنى حرام ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } . وقال تعالى : { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا . } وروى قال { عبد الله بن مسعود } أخرجه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك . قال : قلت : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك . قال : قلت : ثم أي ؟ قال : أن تزني بحليلة جارك . البخاري . وكان ومسلم في صدر الإسلام الحبس للثيب ، والأذى بالكلام من التقريع والتوبيخ للبكر ; لقوله سبحانه : { حد الزاني واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما } .
قال بعض أصحاب أهل العلم : المراد بقوله : ( من نسائكم ) الثيب ، لأن قوله : ( من نسائكم ) إضافة زوجية ، كقوله : { للذين يؤلون من نسائهم } . ولا فائدة في إضافته هاهنا نعلمها إلا اعتبار الثيوبة ، ولأنه قد ذكر عقوبتين ، إحداهما أغلظ من الأخرى ، فكانت الأغلظ للثيب ، والأخرى للأبكار . كالرجم والجلد ، ثم نسخ هذا بما روى ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عبادة بن الصامت } رواه : خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم . ، مسلم وأبو داود . فإن قيل : فكيف ينسخ القرآن بالسنة ؟ قلنا : قد ذهب بعض أصحابنا إلى جوازه ; لأن الكل من عند الله ، وإن اختلفت طرقه ، ومن منع ذلك قال : ليس هذا نسخا ، إنما هو تفسير للقرآن وتبيين له ; لأن النسخ رفع حكم ظاهره الإطلاق ، فأما ما كان مشروطا بشرط ، وزال الشرط ، لا يكون نسخا ، وها هنا شرط الله تعالى حبسهن إلى أن يجعل لهن سبيلا ، فبينت السنة السبيل ، فكان بيانا لا نسخا . ويمكن أن يقال : إن نسخه حصل بالقرآن ، فإن الجلد في كتاب الله تعالى ، والرجم كان فيه ، فنسخ رسمه ، وبقي حكمه .