( 6065 ) فصل : فإن وقع طلقتان نص عليه قال : أنت طالق طلقة بل طلقتين ، وقال أصحاب أحمد : يقع ثلاثا في أحد الوجهين ; لأن قوله : أنت طالق إيقاع فلا يجوز إيقاع الواحدة مرتين فيدل على أنه أوقعها ثم أراد رفعها وأوقع اثنتين آخرتين فتقع الثلاث ولنا أن ما لفظ به قبل الإضراب بعض ما لفظ به بعده فلم يلزمه أكثر مما بعده كقوله : له علي درهم بل درهمان وقولهم : لا يجوز إيقاع ما أوقعه قلنا : يجوز أن يخبر بوقوعه مع وقوع غيره فلا يقع الزائد بالشك قال الشافعي : فإن قال : أنت طالق لا بل أنت طالق : هي واحدة وهذا اختيار أحمد أبي بكر
واختار أنه يقع طلقتان ; لأنه أراد رفع الأولى وإيقاع الثانية فلم ترتفع الأولى ووقعت الثانية ووجه الأول أنه لو قال : له علي درهم بل درهم لزمه درهم واحد كذا هاهنا فعلى هذا القول إن نوى بقوله : بل أنت طالق طلقة أخرى وقع اثنتان ; لأنه قصد إيقاع طلقتين بلفظين فوقع كما لو قال : أنت طالق أنت طالق وذكر القاضي احتمالا آخر ; أنه لا يقع إلا طلقة ; لأن اللفظ موضوع لواحدة فلا يصح أن ينوي به اثنتين قال القاضي : ولو كان أحمد طلقتا جميعا له امرأتان فقال لإحداهما : أنت طالق ثم قال للأخرى : لا بل أنت طالق
ووجهه [ ص: 394 ] أنه أوقع طلاق الأولى ثم أضرب عنه وأوقع طلاق الأخرى فوقع بها ولم يرتفع عن الأولى وفارق ما إذا قال ذلك لواحدة ; لأن الطلقة يجوز أن تكون هي الثانية كرر الإخبار بها ولا يجوز في المرأتين أن يكون طلاق إحداهما هو طلاق الأخرى ونظيره في الإقرار ما لو قال : له علي درهم بل درهم لزمه درهم ولو قال : له علي درهم بل دينار لزماه جميعا ، ولو طلقت الأولى واحدة والثانية ثلاثا قال : أنت طالق واحدة بل هذه ثلاثا
ولو طلقت واحدة ; لأنها بانت الأولى فلم يقع بها ما بعدها وإن قال : أنت طالق واحدة بل ثلاثا إن دخلت الدار ، ونوى تعليق الجميع بدخول الدار تعلق ، وإن نوى تعليق الثلاث حسب ، وقعت الواحدة في الحال وإن أطلق ففيه وجهان ; أحدهما يتعلق الجميع بالشرط ; لأنه بعدهما فيعود إليهما والثاني تقع الواحدة في الحال وتبقى الثلاث معلقة بدخول الدار ; لأنه إنما ذكر الشرط عقيبها فتختص به ، وإن قال لامرأة غير مدخول بها : أنت طالق واحدة بل ثلاثا طلقتا قال : أنت طالق إن دخلت الدار ; بل هذه فدخلت الأولى
وإن دخلت الثانية لم تطلق واحدة منهما ، فإن قال : أردت أن الثانية تطلق إن دخلت الدار قبل منه ; لأنه محتمل لما قاله ، وإن قال : أردت أنك تطلقين إذا دخلت الثانية الدار قبل منه ; لأنه محتمل لما قاله ، وكان طلاق الأولى وحدها معلقا على دخول كل واحدة منهما .