( 5765 ) فصل : ينقسم أقساما ; : أحدها ، أن يخالعها على عدد مجهول من شيء غير مختلف ، كالدنانير والدراهم ، كالتي يخالعها على ما في يدها من الدراهم ، فهي هذه التي ذكر والخلع على مجهول حكمها . والثاني ، أن يكون ذلك من شيء مختلف لا يعظم اختلافه ، مثل أن يخالعها على عبد مطلق أو عبيد ، أو يقول : الخرقي . فإنها تطلق بأي عبد أعطته إياه ، ويملكه بذلك ، ولا يكون له غيره . وكذلك إن خالعته عليه ، فليس له إلا ما يقع عليه اسم العبد . وإن إن أعطيتني عبدا فأنت طالق فله ثلاثة . هذا ظاهر كلام خالعته على عبيد [ ص: 254 ] وقياس قوله وقول أحمد في المسألة التي قبلها . وقد قال الخرقي فيما إذا قال : إذا أعطيتني عبدا فأنت طالق . فأعطته عبدا : فهي طالق . أحمد
والظاهر من كلامه ما قلناه . وقال : له عليها عبد وسط . وتأول كلام القاضي على أنها أعطته عبدا وسطا ، والظاهر خلافه . ولنا ، أنها خالعته على مسمى مجهول ، فكان له أقل ما يقع عليه الاسم ، كما لو خالعها على ما في يدها من الدراهم ، ولأنه إذا قال : إن أعطيتني عبدا فأنت طالق . فأعطته عبدا ، فقد وجد شرطه ، فيجب أن يقع الطلاق ، كما لو قال : إن رأيت عبدا فأنت طالق . ولا يلزمها أكثر منه ; لأنها لم تلتزم له شيئا فلا يلزمها شيء ، كما لو طلقها بغير خلع . الثالث ، أن يخالعها على مسمى تعظم الجهالة فيه ، مثل أن يخالعها على دابة ، أو بعير ، أو بقرة ، أو ثوب ، أو يقول : إن أعطيتني ذلك فأنت طالق . أحمد
فالواجب في الخلع ما يقع عليه الاسم من ذلك ، ويقع الطلاق بها إذا أعطته إياه ، فيما إذا علق طلاقها على عطيته إياه ، ولا يلزمها غير ذلك ، في قياس ما قبلها . وقال وأصحابه من الفقهاء : ترد عليه ما أخذت من صداقها ; لأنها فوتت البضع ، ولم يحصل له العوض ; لجهالته ، فوجب عليها قيمة ما فوتت ، وهو المهر . ولنا ، ما تقدم ولأنها ما التزمت له المهر المسمى ولا مهر المثل ، فلم يلزمها ، كما لو قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ، ولأن المسمى قد استوفي بدله بالوطء ، فكيف يجب بغير رضى ممن يجب عليه ، والأشبه بمذهب القاضي ، أن يكون الخلع بالمجهول كالوصية به . أحمد
ومن هذا القسم ، لو خالعها على ما في بيتها من المتاع ، فإن كان فيه متاع ، فهو له ، قليلا كان أو كثيرا ، معلوما أو مجهولا ، وإن لم يكن فيه متاع ، فله أقل ما يقع عليه اسم المتاع . وعلى قول ، عليها المسمى في الصداق . وهو قول أصحاب الرأي . والوجه للقولين ما تقدم . الرابع ، أن يخالعها على حمل أمتها ، أو غنمها ، أو غيرهما من الحيوان ، أو قال : على ما في بطونها أو ضروعها ، فيصح الخلع . القاضي
وحكي عن أنه يصح الخلع على ما في بطنها ، ولا يصح على حملها . ولنا أن حملها هو ما في بطنها ، فصح الخلع عليه ، كما لو قال : على ما في بطنها . إذا ثبت هذا ، فإنه إن خرج الولد سليما ، أو كان في ضروعها شيء من اللبن فهو له ، وإن لم يخرج شيء ، فقال أبي حنيفة : لا شيء له . وهو قول القاضي وأصحاب الرأي ، وقال مالك : لها مهر المثل ، وقال ابن عقيل : له المسمى . وإن خالعها على ما يثمر نخلها ، أو تحمل أمتها ، صح . أبو الخطاب
قال : إذا خالع امرأته على ثمرة نخلها سنين ، فجائز ، فإن لم يحمل نخلها ، ترضيه بشيء ، قيل له : فإن حمل نخلها ؟ قال : هذا أجود من ذاك . قيل له : يستقيم هذا ؟ قال : نعم جائز . فيحتمل قول أحمد : ترضيه بشيء . أي : له أقل ما يقع عليه اسم الثمرة أو الحمل ، فتعطيه عن ذلك شيئا ، أي شيء كان مثل ما ألزمناه في مسألة المتاع . وقال أحمد : لا شيء له ، وتأول قول القاضي ترضيه بشيء على [ ص: 255 ] الاستحباب ; لأنه لو كان كان واجبا ، لتقدر بتقدير يرجع إليه . أحمد
وفرق بين هاتين المسألتين ومسألة الدراهم والمتاع ، حيث يرجع فيهما بأقل ما يقع عليه الاسم إذا لم يجد شيئا ، وها هنا لا يرجع بشيء إذا لم يجد حملا ولا ثمرة ثم أوهمته أن معها دراهم ، وفي بيتها متاع ; لأنها خاطبته بلفظ يقتضي الوجود مع إمكان علمها به ، فكان ما دل عليه لفظها ، كما لو خالعته على عبد فوجد حرا ، وفي هاتين المسألتين دخل معها في العقد مع تساويهما في العلم في الحال ، ورضاهما بما فيه من الاحتمال ، فلم يكن له شيء غيره ، كما لو قال : خالعتك على هذا الحر . وقال : لا يصح العوض ها هنا ; لأنه معدوم . أبو حنيفة
ولنا ، أن ما جاز في الحمل في البطن ، جاز فيما كان يحمل ، كالوصية . واختار أن له في هذه الأقسام الثلاثة المسمى في الصداق . وأوجب له أبو الخطاب مهر المثل . ولم يصحح الشافعي أبو بكر الخلع في هذا كله . وقد ذكرنا نصوص على جوازه ، والدليل عليه . والله أعلم . أحمد