( 5400 ) مسألة ; قال : ( ولا لحر مسلم أن يتزوج أمة مسلمة ، إلا أن لا يجد طولا بحرة مسلمة ، ويخاف العنت ) الكلام في هذه المسألة في شيئين ; أحدهما ، أنه يحل له إذا وجد فيه الشرطان ، عدم الطول ، وخوف العنت . وهذا قول عامة العلماء ، لا نعلم بينهم اختلافا فيه . والأصل فيه قول الله سبحانه { نكاح الأمة المسلمة : ومن لم يستطع منكم طولا } .
الآية . والصبر عنها مع ذلك خير وأفضل ; لقول الله تعالى { : وأن تصبروا خير لكم } . والثاني : إذا عدم الشرطان أو أحدهما ، لم يحل نكاحها لحر . روي ذلك عن ، جابر . وبه قال وابن عباس ، عطاء ، وطاوس والزهري ، وعمرو بن دينار ، ، ومكحول ، ومالك ، والشافعي وإسحاق . وقال : مما وسع الله على هذه الأمة ، نكاح الأمة ، وإن كان موسرا . مجاهد
وبه قال ، إلا أن يكون تحته حرة ; لأن القدرة على النكاح لا تمنع النكاح ، كما يمنعه وجود النكاح ، كنكاح الأخت والخامسة . وقال أبو حنيفة ، قتادة : إذا خاف العنت حل له نكاح الأمة ، وإن وجد الطول ; لأن إباحتها لضرورة خوف العنت ، وقد وجدت ، فلا يندفع إلا بنكاح الأمة ، فأشبه عادم الطول . ولنا ، قول الله تعالى { والثوري : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } إلى قوله { : ذلك لمن خشي العنت منكم } .
فشرط في نكاحها عدم استطاعة الطول ، فلم يجز مع الاستطاعة كالصوم في كفارة الظهار مع عدم استطاعة الإعتاق ، ولأن في تزويج الأمة إرقاق ولده مع الغنى عنه ، فلم يجز ، كما لو كان تحته حرة . وقياسهم ليس بصحيح ; فإن نكاح الخامسة والأخت ، إنما حرم لأجل الجمع ، وبالقدرة على الجمع لا يصير جامعا ، والعلة هاهنا ، هو الغنى عن إرقاق ولده ، وذلك يحصل بالقدرة على نكاح الحرة . وأما من يجد [ ص: 105 ] الطول ويخاف العنت ، فإن كان ذلك لكونه لا يجد إلا حرة صغيرة أو غائبة أو مريضة لا يمكن وطؤها ، أو وجد مالا ولم يتزوج لقصور نسبه ، فله نكاح الأمة ; لأنه عاجز عن حرة تعفه .
وإن كانت الحرة في حبالة غيره ، فله نكاح أمة . نص عليه في الغائبة . وهو ظاهر مذهب أحمد . وقال بعضهم : لا يجوز ; لوجدان الطول . ولنا ، أنه غير مستطيع للطول إلى حرة تعفه ، فأشبه من لا يجد شيئا ، ألا ترى أن الله سبحانه جعل ابن السبيل الذي له اليسار في بلده فقيرا ; لعدم قدرته عليه في الحال ، وإن كانت له حرة يتمكن من وطئها ، والعفة بها ، فليس بخائف العنت . الشافعي