( 547 ) فصل : وهذه المسألة تدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=25833_1332_1331الصلاة لا تجب على صبي ، ولا كافر ، ولا حائض ; إذ لو كانت الصلاة واجبة عليهم لم يكن لتخصيص القضاء بهذه الحال معنى ، وهذا الصحيح في المذهب . فأما الحائض ، فقد ذكرنا حكمها في بابها ، وأما الكافر فإن كان أصليا لم يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في حال كفره ، بغير خلاف نعلمه ، وقد قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } وأسلم في عصر النبي صلى الله عليه وسلم خلق كثير ، وبعده ، فلم يؤمر أحد منهم بقضاء ، ولأن في إيجاب القضاء عليه تنفيرا عن الإسلام ، فعفي عنه . وقد اختلف أهل العلم في خطابه بفروع الإسلام في حال كفره ، مع إجماعهم على أنه لا يلزمه قضاؤها بعد إسلامه ، وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في هذا روايتان . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=26983_1418_1331المرتد ، فذكر
أبو إسحاق بن شاقلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في وجوب القضاء عليه ، روايتين : إحداهما : لا يلزمه .
وهو ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي في هذه المسألة ، فعلى هذا لا يلزمه قضاء ما ترك في حال كفره ، ولا في حال إسلامه قبل ردته . ولو كان قد حج لزمه استئنافه ; لأن عمله قد حبط بكفره ، بدليل قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لئن أشركت ليحبطن عملك } . فصار كالكافر الأصلي في جميع أحكامه . والثانية : يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في حال ردته ، وإسلامه قبل ردته ، ولا يجب عليه إعادة الحج ; لأن العمل إنما يحبط بالإشراك مع الموت ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة } . فشرط الأمرين لحبوط العمل ، وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأن المرتد أقر بوجوب العبادات عليه ، واعتقد ذلك وقدر على التسبب إلى أدائها ، فلزمه ذلك ، كالمحدث . ولو حاضت المرأة المرتدة لم يلزمها قضاء الصلاة في زمن حيضها ; لأن الصلاة غير واجبة عليها في تلك الحال .
وذكر القاضي رواية ثالثة ، أنه لا قضاء عليه لما ترك في حال ردته ; لأنه تركه في حال لم يكن مخاطبا بها لكفره ، وعليه قضاء ما ترك في إسلامه قبل الردة ; ولأنه كان واجبا عليه ، ومخاطبا به قبل الردة ، فبقي الوجوب عليه بحاله . قال : وهذا المذهب . وهو قول
أبي عبد الله بن حامد ، وعلى هذا لا يلزمه استئناف الحج إن كان قد حج ; لأن ذمته برئت منه بفعله قبل الردة ، فلا يشتغل به بعد ذلك ، كالصلاة التي صلاها في إسلامه ; ولأن الردة لو أسقطت حجه وأبطلته ، لأبطلت سائر عباداته المفعولة قبل ردته .
( 548 ) فصل : فأما الصبي العاقل فلا تجب عليه في أصح الروايتين . وعنه أنها تجب على من بلغ عشرا
[ ص: 240 ] وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى .
فعلى قولنا إنها لا تجب عليه ،
nindex.php?page=treesubj&link=1332متى صلى في الوقت ، ثم بلغ فيه بعد فراغه منها ، وفي أثنائها ، فعليه إعادتها . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يجزئه ، ولا يلزمه إعادتها في الموضعين ; لأنه أدى وظيفة الوقت ، فلم يلزمه إعادتها ، كالبالغ . ولنا ، أنه صلى قبل وجوبها عليه ، وقبل سبب وجوبها ، فلم تجزه عما وجد سبب وجوبها عليه ، كما لو صلى قبل الوقت ، ولأنه صلى نافلة ، فلم تجزه عن الواجب ، كما لو نوى نفلا ، ولأنه بلغ في وقت العبادة وبعد فعلها ، فلزمته إعادتها كالحج ، ووظيفة الوقت في حق البالغ ظهرا واجبة ، ولم يأت بها .
( 547 ) فَصْلٌ : وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25833_1332_1331الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ ، وَلَا كَافِرٍ ، وَلَا حَائِضٍ ; إذْ لَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الْقَضَاءِ بِهَذِهِ الْحَالِ مَعْنًى ، وَهَذَا الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ . فَأَمَّا الْحَائِضُ ، فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهَا فِي بَابِهَا ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنْ كَانَ أَصْلِيًّا لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ فِي حَالِ كُفْرِهِ ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ } وَأَسْلَمَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، وَبَعْدَهُ ، فَلَمْ يُؤْمَرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِقَضَاءٍ ، وَلِأَنَّ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ تَنْفِيرًا عَنْ الْإِسْلَامِ ، فَعُفِيَ عَنْهُ . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي خِطَابِهِ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ فِي حَالِ كُفْرِهِ ، مَعَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ ، وَحُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26983_1418_1331الْمُرْتَدُّ ، فَذَكَرَ
أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ ، رِوَايَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : لَا يَلْزَمُهُ .
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14209الْخِرَقِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي حَالِ كُفْرِهِ ، وَلَا فِي حَالِ إسْلَامِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ . وَلَوْ كَانَ قَدْ حَجَّ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ ; لِأَنَّ عَمَلَهُ قَدْ حَبِطَ بِكُفْرِهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } . فَصَارَ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ . وَالثَّانِيَةُ : يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ ، وَإِسْلَامِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْحَجِّ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَحْبَطُ بِالْإِشْرَاكِ مَعَ الْمَوْتِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } . فَشَرَطَ الْأَمْرَيْنِ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهِ ، وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ وَقَدَرَ عَلَى التَّسَبُّبِ إلَى أَدَائِهَا ، فَلَزِمَهُ ذَلِكَ ، كَالْمُحْدِثِ . وَلَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةُ لَمْ يَلْزَمْهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ حَيْضِهَا ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً ثَالِثَةً ، أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِمَا تَرَكَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ ; لِأَنَّهُ تَرَكَهُ فِي حَالٍ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِهَا لِكُفْرِهِ ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي إسْلَامِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ ; وَلِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ ، وَمُخَاطَبًا بِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ ، فَبَقِيَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ بِحَالِهِ . قَالَ : وَهَذَا الْمَذْهَبُ . وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ الْحَجِّ إنْ كَانَ قَدْ حَجَّ ; لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ مِنْهُ بِفِعْلِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ ، فَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَالصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا فِي إسْلَامِهِ ; وَلِأَنَّ الرِّدَّةِ لَوْ أَسْقَطَتْ حَجَّهُ وَأَبْطَلَتْهُ ، لَأَبْطَلَتْ سَائِرَ عِبَادَاتِهِ الْمَفْعُولَةِ قَبْلَ رِدَّتِهِ .
( 548 ) فَصْلٌ : فَأَمَّا الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ . وَعَنْهُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَ عَشْرًا
[ ص: 240 ] وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
فَعَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=1332مَتَى صَلَّى فِي الْوَقْتِ ، ثُمَّ بَلَغَ فِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا ، وَفِي أَثْنَائِهَا ، فَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا . وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يُجْزِئُهُ ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ ; لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهَا ، كَالْبَالِغِ . وَلَنَا ، أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ، وَقَبْلَ سَبَبِ وُجُوبِهَا ، فَلَمْ تَجْزِهِ عَمَّا وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ، كَمَا لَوْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى نَافِلَةً ، فَلَمْ تَجْزِهِ عَنْ الْوَاجِبِ ، كَمَا لَوْ نَوَى نَفْلًا ، وَلِأَنَّهُ بَلَغَ فِي وَقْتِ الْعِبَادَةِ وَبَعْدَ فِعْلِهَا ، فَلَزِمَتْهُ إعَادَتُهَا كَالْحَجِّ ، وَوَظِيفَةُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ الْبَالِغِ ظُهْرًا وَاجِبَةٌ ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا .