( 5200 ) مسألة ; قال : وإذا فالنكاح ثابت ، وإن كرهت ، كبيرة كانت أو صغيرة . أما البكر الصغيرة ، فلا خلاف فيها . قال زوج الرجل ابنته البكر ، فوضعها في كفاءة ، أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز ، إذا زوجها من كفء ، ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها . وقد دل على جواز [ ص: 31 ] تزويج الصغيرة قول الله تعالى : { ابن المنذر واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } فجعل للائي لم يحضن عدة ثلاثة أشهر ، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح أو فسخ ، فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق ، ولا إذن لها فيعتبر
وقالت رضي الله عنهما : { عائشة } . متفق عليه . ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها . وروى تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست ، وبنى بي وأنا ابنة تسع ، أن الأثرم تزوج قدامة بن مظعون ابنة الزبير حين نفست ، فقيل له ، فقال : ابنة الزبير إن مت ورثتني ، وإن عشت كانت امرأتي . وزوج ابنته علي أم كلثوم وهي صغيرة رضي الله عنهما . وأما البكر البالغة العاقلة ، فعن عمر بن الخطاب روايتان ; إحداهما ، له إجبارها على النكاح ، وتزويجها بغير إذنها ، كالصغيرة أحمد
وهذا مذهب ، مالك ، وابن أبي ليلى ، والشافعي وإسحاق والثانية ، ليس له ذلك ، اختارها أبو بكر . وهو مذهب الأوزاعي ، ، والثوري ، وأبي عبيد ، وأصحاب الرأي ، وأبي ثور ; لما روى وابن المنذر ، { أبو هريرة } . متفق عليه . وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن . فقالوا : يا رسول الله ، فكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت أبو داود ، ، عن وابن ماجه ، { ابن عباس } ولأنها جائزة التصرف في مالها ، فلم يجز إجبارها ، كالثيب ، والرجل أن جارية بكرا ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم .
ووجه الرواية الأولى ، ما روي عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } رواه الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن ، وإذنها صماتها مسلم وأبو داود .
فلما قسم النساء قسمين ، وأثبت الحق لأحدهما ، دل على نفيه عن الآخر ، وهي البكر فيكون وليها أحق منها بها ، ودل الحديث على أن الاستئمار هاهنا ، والاستئذان في حديثهم مستحب ، ليس بواجب ، لما روى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر } . رواه آمروا النساء في بناتهن أبو داود . وحديث التي خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل ،
ويحتمل أنها التي زوجها أبوها من ابن أخيه ليرفع بها خسيسته ، فتخييرها لذلك ، ولأن ما لا يشترط في نكاح الصغيرة لا يشترط في نكاح الكبيرة ، كالنطق . وقول فوضعها في كفاءة يدل على أنه إذا زوجها من غير كفء ، فنكاحها باطل . وهو إحدى الروايتين عن الخرقي ، وأحد قولي أحمد لأنه لا يجوز له تزويجها من غير كفء ، فلم يصح . كسائر الأنكحة المحرمة ، ولأنه عقد لموليته عقدا لا حظ لها فيه بغير إذنها ، فلم يصح ، كبيعه عقارها من غير غبطة ولا حاجة ، أو بيعه بدون ثمن مثله ، ولأنه نائب عنها شرعا ، فلم يصح تصرفه لها شرعا بما لا حظ لها فيه كالوكيل الشافعي
والثانية ، يصح ; لأنه عيب في المعقود عليه ، فلم يمنع الصحة ، كشراء المعيب الذي لا يعلم عيبه . ويحتمل أن لا يصح النكاح ، إذا علم أن الزوج ليس بكفء ، ويصح إذا لم يعلم ; لأنه إذا علم حرم عليه العقد ، فبطل لتحريمه ، بخلاف ما لم يعلمه ، كما لو اشترى لها معيبا يعلم عيبه . ويحتمل أن يصح نكاح الكبيرة ; لأنه يمكن استدراك الضرر ، بإثبات الخيار لها ، فتفسخ إن كرهت ، وإن لم تفسخ كان كإجازتها وإذنها ، بخلاف نكاح الصغيرة .
[ ص: 32 ] وعلى القول بصحته ; فإن كانت كبيرة ، فلها الخيار ، ولا خيار لأبيها إذا كان عالما ; لأنه أسقط حقه برضاه ، وإن كانت صغيرة ، فعليه الفسخ ، ولا يسقط برضاه ; لأنه يفسخ لحظها ، وحقها لا يسقط برضاه . ويحتمل أن لا يكون له الفسخ ، ولكن يمنع الدخول عليها حتى تبلغ فتختار . وإن كان لها ولي غير الأب ، فلها الفسخ على ما مضى . وعلى كلتا الروايتين ، فلا يحل له تزويجها من غير كفء ، ولا من معيب ; لأن الله تعالى أقامه مقامها ، ناظرا لها فيما فيه الحظ ، ومتصرفا لها ، لعجزها عن التصرف في نفسها ، فلا يجوز له فعل ما لا حظ لها فيه ، كما في مالها ، ولأنه إذا حرم عليه التصرف في مالها بما لا حظ فيه ، ففي نفسها أولى .