( 3968 ) مسألة ; قال : ( ومن غصب جارية ، فوطئها ، وأولدها ، لزمه الحد ، وأخذها سيدها وأولادها ومهر مثلها ) وجملة ذلك ، أن فهو زان ; لأنها ليست زوجة له ولا ملك يمين ، فإن كان عالما بالتحريم ، فعليه حد الزنى ; لأنه لا ملك له ، ولا شبهة ملك ، وعليه مهر مثلها ، سواء كانت مكرهة أو مطاوعة . وقال الغاصب إذا وطئ الجارية المغصوبة ، لا مهر للمطاوعة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن مهر البغي . الشافعي
ولنا ، أن هذا حق للسيد ، فلا يسقط بمطاوعتها ، كما لو أذنت في قطع يدها ، ولأنه حق يجب للسيد مع إكراهها ، فيجب مع مطاوعتها ، كأجر منافعها ، والخبر محمول على الحرة ، ويجب أرش بكارتها ; لأنه بدل جزء منها . ويحتمل أن لا يجب ; لأن مهر البكر يدخل فيه أرش البكارة ; ولهذا يزيد على مهر الثيب عادة ، لأجل ما يتضمنه من تفويت البكارة . وإن حملت ، فالولد مملوك لسيدها ; لأنه من نمائها وأجزائها ، ولا يلحق نسبه بالواطئ ; لأنه من زنى . فإن وضعته حيا ، وجب رده معها ، وإن أسقطته ميتا ، لم يضمن ; لأننا لا نعلم حياته قبل هذا . هذا قول ، وهو الظاهر من مذهب القاضي عند أصحابه . الشافعي
وقال القاضي أبو الحسين : يجب ضمانه بقيمته لو كان حيا . نص عليه ; لأنه يضمنه لو سقط بضربته ، وما ضمن بالإتلاف ضمنه الغاصب بالتلف في يده ، كأجر العين . والأولى ، إن شاء الله تعالى ، أن يضمنه بعشر قيمة أمه ; لأنه الذي يضمنه به بالجناية ، فيضمنه به في التلف ، كالأجزاء . وإن وضعته حيا ، حصل مضمونا في يد الغاصب ، كالأم . الشافعي
فإن مات بعد ذلك ، ضمنه بقيمته . وإن نقصت الأم بالولادة ، ضمن نقصها ، ولم ينجبر بالولد . وبهذا قال وقال الشافعي ينجبر نقصها بولدها . ولنا ، أن ولدها ملك المغصوب منه ، فلا ينجبر به نقص حصل بجناية الغاصب ، كالنقص الحاصل بغير الولادة . أبو حنيفة
وإن ضرب الغاصب بطنها فألقت الجنين ميتا ، فعليه عشر قيمة أمه . وإن ضرب بطنها أجنبي ، ففيه مثل ذلك ، وللمالك تضمين أيهما شاء ، فإن ضمن الغاصب ، رجع على الضارب ، وإن ضمن الضارب ، لم يرجع على أحد ; لأن الإتلاف وجد منه ، فاستقر الضمان عليه . وإن ماتت الجارية ، فعليه قيمتها أكثر ما كانت . ويدخل في ذلك أرش بكارتها ، ونقص ولادتها ، ولا يدخل فيه ضمان ولدها ، ولا مهر مثلها ، وسواء في هذه الأحكام كلها حالة الإكراه أو المطاوعة ; لأنها حقوق لسيدها ، فلا تسقط بمطاوعتها .
وأما حقوق الله تعالى ، كالحد [ ص: 156 ] عليها ، والإثم ، والتعزير في موضع يجب ، فإن كانت مطاوعة على الوطء ، عالمة بالتحريم ، فعليها الحد إذا كانت من أهله ، والإثم ، وإلا فلا . ( 3969 ) فصل : وإن كان الغاصب جاهلا بتحريم ذلك ; لقرب عهده بالإسلام ، أو ناشئا ببادية بعيدة يخفى عليه مثل هذا ، فاعتقد حل وطئها ، أو اعتقد أنها جاريته فأخذها ، ثم تبين أنها غيرها ، فلا حد عليه ; لأن الحد يدرأ بالشبهات ، وعليه المهر ، وأرش البكارة .
وإن حملت فالولد حر ، لاعتقاده أنها ملكه ، ويلحقه النسب لموضع الشبهة . وإن وضعته ميتا ، لم يضمنه ; لأنه لم يعلم حياته ، ولأنه لم يحل بينه وبينه ، وإنما وجب تقويمه لأجل الحيلولة . وإن وضعته حيا ، فعليه قيمته يوم انفصاله ; لأنه فوت عليه رقه باعتقاده ، ولا يمكن تقويمه حملا ، فقوم عليه أول حال انفصاله ; لأنه أول حال إمكان تقويمه ، ولأن ذلك وقت الحيلولة بينه وبين سيده .
وإن ضرب الغاصب بطنها ، فألقت جنينا ميتا ، فعليه غرة عبد أو أمة ، قيمتها خمس من الإبل ، موروثة عنه ، لا يرث الضارب منها شيئا ; لأنه أتلف جنينا حرا ، وعليه للسيد عشر قيمة أمه ; لأن الإسقاط لما اعتقب الضرب ، فالظاهر حصوله به ، وضمانه للسيد ضمان المماليك ، ولهذا لو وضعته حيا قومناه مملوكا .
وإن كان الضارب أجنبيا ، فعليه غرة دية الجنين الحر ; لأنه محكوم بحريته ، وتكون موروثة عنه ، وعلى الغاصب للسيد عشر قيمة أمه ; لأنه يضمنه ضمان المماليك ، وقد فوت رقه على السيد ، وحصل التلف في يديه . والحكم في المهر ، والأرش ، والأجر ، ونقص الولادة ، وقيمتها إن تلفت ، ما مضى إذا كانا عالمين ; لأن هذه حقوق الآدميين ، فلا تسقط بالجهل والخطأ ، كالدية .