( 3605 ) فصل : وتفتقر صحة الكفالة إلى ; لأنه لا يلزمه الحق ابتداء إلا برضاه ، ولا يعتبر رضى المكفول له ; لأنها وثيقة له لا قبض فيها ، فصحت من غير رضاه فيها ، كالشهادة ، ولأنها التزام حق له من غير عوض ، فلم يعتبر رضاه فيها ، كالنذر ، فأما رضى المكفول له ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يعتبر ، كالضمان . رضى الكفيل
والثاني ، يعتبر . وهو مذهب ; لأن مقصودها إحضاره ، وإن تكفل بغير إذنه ، لم يلزمه الحضور معه ، ولأنه يجعل لنفسه حقا عليه ، وهو الحضور معه من غير رضاه ، فلم يجز ، كما لو ألزمه الدين ، وفارق الضمان ، فإن الضامن يقضي الحق ، ولا يحتاج إلى المضمون عنه . الشافعي
وعلى كلا الوجهين ، متى كانت الكفالة بإذنه ، فأراد الكفيل إحضاره ، لزمه الحضور معه ; لأنه شغل ذمته من أجله بإذنه ، فكان عليه تخليصها ، كما لو استعار عبده فرهنه بإذنه ، كان عليه تخليصه إذا طلبه سيده . وإن كانت الكفالة بغير إذنه نظرنا ; فإن طلبه المكفول له منه ، لزمه أن يحضر معه ; لأن حضوره حق للمكفول له ، وقد استناب الكفيل في طلبه .
وإن لم يطلبه المكفول له ، لم يلزمه أن يحضر معه ; لأنه لم يشغل ذمته ، وإنما الكفيل شغلها باختيار نفسه ، فلم يجز أن يثبت له بذلك حق على غيره . وإن قال المكفول له : أحضر كفيلك . كان توكيلا في إحضاره ، ولزمه أن يحضر معه ، كما لو وكل أجنبيا . وإن قال : اخرج من كفالتك . احتمل أن يكون توكيلا في إحضاره ، كاللفظ الأول ، ويحتمل أن تكون مطالبة بالدين الذي عليه ، فلا يكون توكيلا ، فلا يلزمه الحضور معه .