( 3494 ) فصل : وإن صح ، سواء اعترف للمدعي بصحة دعواه أو لم يعترف ، وسواء كان بإذنه أو غير إذنه . وقال أصحاب صالح عن المنكر أجنبي ، : إنما يصح إذا اعترف للمدعي بصدقه ، وهذا مبني على صلح المنكر ، وقد ذكرناه . الشافعي
ثم لا يخلو الصلح ، إما أن يكون عن دين أو عين ، فإن كان عن دين ، صح سواء كان بإذن المنكر ، أو بغير إذنه ، لأن قضاء الدين عن غيره جائز بإذنه وبغير إذنه ، فإن { عليا رضي الله عنهما قضيا عن الميت ، فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم وأبا قتادة } وإن كان الصلح عن عين بإذن المنكر ، فهو كالصلح منه ; لأن الوكيل يقوم مقام الموكل . وإن كان بغير إذنه ، فهو افتداء للمنكر من الخصومة ، وإبراء له من الدعوى ، وذلك جائز . وفي الموضعين ، إذا صالح عنه بغير إذنه ، لم يرجع عليه بشيء لأنه أدى عنه مالا يلزمه أداؤه .
وخرجه القاضي على الروايتين . فيما إذا قضى دينه الثابت بغير إذنه ، وليس هذا بجيد ; لأن هذا لم يثبت وجوبه على المنكر ، ولا يلزمه أداؤه إلى المدعي ، فكيف يلزمه أداؤه إلى غيره ، ولأنه أدى عنه ما لا يجب عليه ، فكان متبرعا ، كما لو تصدق عنه . وأبو الخطاب
ومن قال برجوعه ، فإنه يجعله كالمدعي في الدعوى على المنكر لا غير ، أما أن يجب له الرجوع بما أداه حتما ، فلا وجه له أصلا ; لأن أكثر ما يجب لمن قضى دين غيره أن يقوم مقام صاحب الدين ، وصاحب الدين هاهنا لم يجب له حق ، ولا لزم الأداء إليه ، ولا يثبت له أكثر من جواز الدعوى ، فكذلك هذا . ويشترط في جواز الدعوى أن يعلم صدق المدعي ، فأما إن لم يعلم ، لم يحل له دعوى بشيء لا يعلم ثبوته ، وأما ما إذا صالح عنه بإذنه ، فهو وكيله ، والتوكيل في ذلك جائز .
ثم إن أدى عنه بإذنه ، رجع إليه ، وهذا قول . وإن أدى عنه بغير إذنه متبرعا ، لم يرجع بشيء وإن قضاه محتسبا بالرجوع ، خرج على الروايتين في من قضى دين غيره بغير إذنه ; لأنه قد وجب عليه أداؤه بعقد الصلح ، بخلاف ما إذا صالح وقضى بغير إذنه ، فإنه قضى ما لا يجب على المنكر قضاؤه . الشافعي