[ ص: 71 ] فصل : وإذا ، فنفس البئر وأرض العين مملوكة لمالك الأرض ، والماء الذي فيها غير مملوك ; لأنه يجري من تحت الأرض إلى ملكه ، فأشبه الماء الجاري في النهر إلى ملكه ، وهذا أحد الوجهين لأصحاب كان في الأرض بئر أو عين مستنبطة . والوجه الآخر ، يدخل في الملك ; لأنه نماء الملك . وقد روي عن الشافعي ما يدل على أنه يملك ; فإنه قال في رجل له أرض ولآخر ماء ، فيشترك صاحب الأرض وصاحب الماء في الزرع ، ويكون بينهما ؟ فقال : لا بأس . اختاره أحمد أبو بكر . وهذا يدل على أن الماء مملوك لصاحبه ، وفي معنى الماء ، المعادن الجارية في الأملاك ، كالقار ، والنفط ، والمومياء ، والملح .
وكذلك الحكم في ، ففي كل ذلك يخرج على الروايتين في الماء . والصحيح أن الماء لا يملك ، فكذلك هذه . قال النابت في أرضه من الكلأ والشوك : لا يعجبني أحمد ألبتة . قال بيع الماء : سمعت الأثرم يسأل عن أبا عبد الله قال : ما أدري ، أما النبي صلى الله عليه وسلم { قوم بينهم نهر تشرب منه أرضوهم ، لهذا يوم ، ولهذا يومان ، يتفقون عليه بالحصص ، فجاء يومي ولا أحتاج إليه ، أكريه بدراهم ؟ } قيل : إنه ليس يبيعه ، إنما يكريه . قال : إنما احتالوا بهذا ليحسنوه ، فأي شيء هذا إلا البيع ، وروى فنهى عن بيع الماء . ، بإسناده عن الأثرم ، جابر وإياس بن عبد الله المزني ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { } . وروي أيضا عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : { نهى أن يباع الماء } . رواه المسلمون شركاء في ثلاث : في الماء والنار والكلأ أبو عبيد ، في كتاب " الأموال " ، فإذا قلنا : لا يملك . فصاحب الأرض أحق به من غيره ; لكونه في ملكه ، فإن دخل غيره بغير إذنه ، فأخذه ملكه ; لأنه مباح في الأصل ، فأشبه ما لو ، وأما ما يحوزه من الماء في إنائه ، أو يأخذه من الكلأ في حبله ، أو يحوزه في رحله ، أو يأخذه من المعادن ، فإنه يملكه بذلك ، وله بيعه بلا خلاف بين أهل العلم ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عشش في أرضه طائر ، أو دخل فيها ظبي ، أو نضبت عن سمك ، فدخل إليه داخل فأخذه } . رواه لأن يأخذ أحدكم حبلا ، فيأخذ حزمة من حطب ، فيبيع ، فيكف الله به وجهه ، خير له من أن يسأل الناس ، أعطي أو منع . وروى البخاري أبو عبيد في " الأموال " ، عن المشيخة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { } وعلى ذلك مضت العادة في الأمصار ببيع الماء في الروايا ، والحطب ، والكلأ ، من غير نكير ، وليس لأحد أن يشرب منه ، ولا يتوضأ ، ولا يأخذ إلا بإذن مالكه . نهى عن بيع الماء إلا ما حمل منه .
وكذلك لو ، فما يرقيه من الماء ، فهو ملكه ، وله بيعه ; لأنه ملكه بأخذه في إنائه . قال وقف على بئره ، أو بئر مباح فاستقى بدلوه ، أو بدولاب أو نحوه : إنما نهي عن أحمد . ويجوز بيع البئر نفسها ، والعين ، ومشتريها أحق بمائها . بيع فضل ماء البئر والعيون في قراره
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { بئر رومة يوسع بها على المسلمين وله الجنة } ، أو كما قال . فاشتراها من يشتري رضي الله عنه من يهودي ، بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وسبلها للمسلمين ، وكان اليهودي يبيع ماءها . وروي أن عثمان بن عفان عثمان اشترى منه نصفها باثني عشر ألفا ، ثم قال اليهودي : اختر ، إما أن تأخذها يوما وآخذها أنا يوما ، وإما أن ننصب لك عليها دلوا ، وأنصب عليها دلوا . فاختار يوما ويوما ، فكان الناس يستقون منها في يوم عثمان لليومين ، فقال اليهودي : أفسدت علي بئري ، فاشتر باقيها . فاشتراه بثمانية آلاف .
وفي هذا دليل على صحة بيعها ، وتسبيلها ، وصحة بيع ما يستقيه منها ، وجواز قسمة مائها بالمهايأة ، وكون مالكها أحق بمائها ، وجواز قسمة ما فيه حق [ ص: 72 ] وليس بمملوك .
فأما ، ولو دخل إلى أرض رجل ، لم يملكه بذلك ، كالطير يدخل إلى أرضه ، ولكل أحد أخذه . ولا يملكه ، إلا أن يجعل له في أرضه مستقرا ، كالبركة ، والقرار ، أو يحتفر ساقية ، يأخذ فيها من ماء النهر الكبير ، فيكون أحق بذلك الماء من غيره ، كنقع البئر ، وإن كان ما يستقر في البركة لا يخرج منها ، فالأولى أنه يملكه بذلك على ما سنذكره في مياه الأمطار . وما كان نابعا أو مستنبطا كالقنى ، فهو كنقع البئر ، وفيه من الخلاف ما فيه ، فأما المياه الجارية ، فما كان نابعا في غير ملك ، كالأنهار الكبار ، وغيرها ، لم تملك بحال ، فالأولى أنه يملك ماءها ، ويصح بيعه إذا كان معلوما ; لأنه مباح حصله بشيء معد له ، فملكه ، كالصيد يحصل في شبكته ، والسمك في بركة معدة له ، ولا يجوز أخذ شيء منه إلا بإذن مالكه . المصانع المتخذة لمياه الأمطار تجمع فيها ، ونحوها من البرك وغيرها