[ ص: 329 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وأما الديون فينظر فيها ، فإن كان الملك عليها مستقرا كغرامة المتلف وبدل القرض ، جاز بيعه ممن عليه قبل القبض ; لأن ملكه مستقر عليه ، فجاز بيعه كالمبيع بعد القبض ، وهل يجوز من غيره ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يجوز ، لأن ما جاز بيعه ممن عليه جاز بيعه من غيره كالوديعة ( والثاني ) لا يجوز ; لأنه لا يقدر على تسليمه إليه لأنه ربما منعه أو جحده وذلك غرر لا حاجة به إليه ، فلم يجز ، والأول أظهر ، لأن الظاهر أنه يقدر على تسليمه إليه من غير منع ولا جحود ، وإن كان الدين غير مستقر - نظرت فإن كان مسلما فيه - لم يجز بيعه ، لما روي أن رضي الله عنهما " سئل عن رجل أسلف في حلل دقاق فلم يجد تلك الحلل ، فقال : آخذ منك مقام كل حلة من الدقاق حلتين من الجل ، فكرهه ابن عباس ، وقال : خذ برأس المال علفا أو غنما ، ولأن الملك في المسلم فيه غير مستقر لأنه ربما تعذر فانفسخ البيع فيه فلم يجز بيعه كالمبيع قبل القبض . وإن كان ثمنا في بيع ففيه قولان قال في الصرف : يجوز بيعه قبل القبض لما روى ابن عباس قال : { ابن عمر بالبقيع بالدنانير ، فآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا بأس ما لم تتفرقا وبينكما شيء } ولأنه لا يخشى انفساخ العقد فيه بالهلاك ، فصار كالبيع بعد القبض ، وروى كنت أبيع الإبل في جامعه الكبير أنه لا يجوز ، لأن ملكه غير مستقر عليه ، لأنه قد ينفسخ البيع فيه بتلف المبيع أو بالرد بالعيب ، فلم يجز بيعه كالمبيع قبل القبض ، وفي المزني طريقان ( أحدهما ) أنه على قولين بناء على القولين في بيع رقبته ( والثاني ) أنه لا يصح ذلك قولا واحدا ، وهو المنصوص في المختصر لأنه لا يملكه ملكا مستقرا فلم يصح بيعه كالمسلم فيه ) . بيع نجوم المكاتب قبل القبض