قال المصنف رحمه الله تعالى - - ( الحرم على الحلال والمحرم ، لما روى ويحرم صيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس مكة ، لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، فقال : إلا الإذخر لصاغتنا ؟ فقال إلا الإذخر العباس } وحكمه في الجزاء حكم صيد الإحرام لأنه مثله في التحريم فكان مثله في الجزاء ، فإن قتل محرم صيدا في الحرم لزمه جزاء واحد ; لأن المقتول واحد ، فكان الجزاء واحدا كما لو قتله في الحل . إن الله - تعالى - حرم
وإن اصطاد الحلال صيدا من الحل وأدخله إلى الحرم جاز له التصرف فيه بالإمساك والذبح [ ص: 444 ] وغير ذلك مما كان يملكه به قبل أن يدخل إلى الحرم ، لأنه من صيد الحل ، فلم يمنع من التصرف فيه . وإن ذبح الحلال صيدا من صيود الحرم لم يحل له أكله ، وهل يحرم على غيره ؟ فيه طريقان ( من ) أصحابنا من قال : هو على قولين ، كالمحرم إذا ذبح صيدا ( ومنهم ) من قال : يحرم هاهنا قولا واحدا ، لأن الصيد في الحرم محرم على كل واحد فهو كالحيوان الذي لا يؤكل . وإن رمى من الحل إلى صيد في الحرم فأصابه لزمه الضمان ; لأن الصيد في موضع أمنه ، وإن رمى من الحرم إلى صيد في الحل فأصابه ضمنه ، لأنه كونه في الحرم يوجب تحريم الصيد عليه . وإن رمى من الحل إلى صيد في الحل ومر السهم في موضع من الحرم فأصابه ففيه وجهان ( أحدهما ) يضمنه ; لأن السهم مر من الحرم إلى الصيد ( والثاني ) لا يضمنه ; لأن الصيد في الحل والرامي في الحل ، وإن كان في الحرم شجرة وأغصانها في الحل فوقعت حمامة على غصن في الحل فرماه من الحل فأصابه لم يضمنه ; لأن الحمام غير تابع للشجرة فهو كطير في هواء الحل ، وإن رمى إلى صيد في الحل فعدل السهم وأصاب صيدا في الحرم فقتله لزمه الجزاء ; لأن العمد والخطأ في ضمان الصيد سواء ، وإن أرسل كلبا في الحل على صيد في الحل فدخل الصيد الحرم فتبعه الكلب فقتله لم يلزمه الجزاء ، لأن للكلب اختيارا ودخل الحرم باختياره ، بخلاف السهم .
قال في الإملاء : إذا أمسك الحلال صيدا في الحل ، وله فرخ في الحرم فمات الصيد في يده ومات الفرخ ، ضمن الفرخ لأنه مات في الحرم بسبب من جهته ، ولا يضمن الأم لأنه صيد في الحل مات في يد الحلال ) .