[ ص: 586 ] ( فصل )
والأفضل أن يلبي - كما تقدم ذكره ; لأن أصحابه رووها على وجه واحد ، وبينوا أنه كان يلزمها . تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم
وإن نقل عنه أنه زاد عليها شيئا فيدل على الجواز ; لأن ما داوم عليه هو الأفضل .
فإن زاد شيئا مثل قوله : لبيك إن العيش عيش الآخرة ، أو : لبيك ذا المعارج ، أو غير ذلك - فهو جائز غير مكروه ولا مستحب عند أصحابنا .
قال - في رواية - وقد سئل عن التلبية ، فذكرها ، فقيل له : يكره أن يزيد على هذا ؟ قال : وما بأس أن يزيد ؟ أبي داود
وقال : قلت له : هذه الأثرم ؟ فقال شيئا معناه الرخصة . الزيادة التي يزيدها الناس في التلبية
وقال - في رواية حرب - في الرجل يزيد في التلبية كلاما أو دعاء ، قال : أرجو أن لا يكون به بأس .
وقال - في رواية المروذي - : كان في حديث : " والملك لا شريك لك " فتركه لأن الناس تركوه ، وليس في حديث . . . . ابن عمر
[ ص: 587 ] وعن ليث عن ، أن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إن الحمد والنعمة لك " زاد فيها طاوس : والملك لا شريك لك " عمر بن الخطاب رواه سعيد ، وهذا يقوي رواية المروذي فينظر .
وإنما جاز ذلك ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره عليه ، ولم يغيره كما ذكره جابر .
وعن : أبي هريرة رواه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في تلبيته : " لبيك إله الحق لبيك " أحمد ، ، وابن ماجه . والنسائي
فعلم أنه كان يزيد أحيانا على التلبية المشهورة . وقد زاد الزيادة المتقدمة ، وهو من أتبع الناس للسنة . ابن عمر
وعن عمر أنه زاد : " لبيك ذا النعماء والفضل الحسن لبيك ، لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك " رواه . الأثرم
[ ص: 588 ] وعن أنه كان يزيد : " لبيك حقا حقا " . أنس
وعن عبد الله أنه كان يقول : " لبيك عدد التراب " .
وعن الأسود أنه كان يقول : " لبيك غفار الذنوب لبيك " رواهما سعيد .
وأما ما سعد " أنه سمع رجلا يقول : لبيك ذا المعارج ، فقال : إنه لذو المعارج ولكنا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نقول ذلك " رواه روى أحمد : فقد حمله القاضي على ظاهره في أنه أنكر الزيادة ، ولعله فهم من حال الملبي أنه يعتقد أن هذه هي التلبية المشروعة .
وقد قيل : لعله اقتصر على ذلك ، وترك تمام التلبية المشروعة .
ولا تكره الزيادة على التلبية ، سواء جعل الزيادة متصلة بالتلبية منها أم لا ، بل [ ص: 589 ] تكون الزيادة من جملة التلبية .
وقال القاضي - في خلافه - : لا تكره الزيادة على ذلك إذا أوردها على وجه الذكر لله والتعظيم له ، لا على أنها متصلة بالتلبية كالزيادة على التشهد بما ذكره من الدعاء بعده ليس بزيادة فيه .
لأن ما ورد عن الشرع منصوصا مؤقتا تكره الزيادة فيه كالأذان والتشهد .
فأما إن . . . نقص من التلبية المشروعة
وإذا فرغ من التلبية ، فقال أصحابنا : يستحب أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة .
قال القاضي : إذا فرغ من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - : أحببنا له أن يسأل الله رضوانه والجنة ويستعيذ برحمته من النار .
وذلك لما روي عن قال : " كان القاسم بن محمد - صلى الله عليه وسلم - " رواه يستحب للرجل إذا فرغ من تلبية أن يصلي على النبي . الدارقطني
[ ص: 590 ] وعن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " خزيمة بن ثابت " رواه أنه كان إذا فرغ من تلبية سأل الله رضوانه والجنة ، واستعاذ برحمته من النار الشافعي . والدارقطني
ولأن الملبي قد أجاب الله في دعائه إلى حج بيته فيستجيب الله له دعاءه جزاء له .
. وقد قال القاضي [ ص: 591 ] وأصحابه : إن والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مشروعة عند كل دعاء . ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشرع عند الأفعال ، كالذبح والعطاس والإحرام
وظاهر كلام أحمد في رواية حرب أن زيادة الدعاء من جنس زيادة الكلام لا بأس به ، ولا يرفع صوته بذلك .