المسألة الخامسة : قوله تعالى : ( من بعد ما جاءتكم البينات ) يتناول جميع الدلائل العقلية والسمعية ؛ أما الدلائل العقلية فهي محمد صلى الله عليه وسلم إلا بعد ثبوتها ؛ نحو العلم بحدوث العالم وافتقاره إلى صانع يكون عالما بالمعلومات كلها ، قادرا على الممكنات كلها ، غنيا عن الحاجات كلها ، ومثل العلم بالفرق بين المعجزة والسحر ، والعلم بدلالة المعجزة على الصدق ، فكل ذلك من البينات العقلية ، وأما البينات السمعية فهي البيان الحاصل بالقرآن ، والبيان الحاصل بالسنة ، فكل هذه البينات داخلة في الآية من حيث إن عذر المكلف لا يزول عند حصول كل هذه البينات . الدلائل على الأمور التي تثبت صحة نبوة
المسألة السادسة : قال القاضي : دلت الآية على أن ، فإذا علق الوعيد بشرط مجيء البينات وحصولها ، فبأن لا يجوز أن يحصل الوعيد لمن لا قدرة له على الفعل أصلا أولى ، ولأن الدلالة لا ينتفع بها إلا أولو القدرة ، وقد ينتفع بالقدرة مع فقد الدلالة ، وقال أيضا : دلت الآية على أن المعتبر حصول البينات لا حصول اليقين من المكلف فمن هذا الوجه دلت الآية على أن المؤاخذة بالذنب لا تحصل إلا بعد البيان وإزاحة العلة ، فبطل قول من زعم أن لا حجة لله على من يعلم ويعرف . المتمكن من النظر والاستدلال يلحقه الوعيد كالعارف