المسألة الثالثة : للفقهاء مذاهب سبعة في أمر الدباغ ، فأوسع الناس فيه قولا ، فإنه يجوز الزهري ، ويليه استعمال الجلود بأسرها قبل الدباغ داود فإنه قال : تطهر كلها بالدباغ ، ويليه مالك فإنه قال : يطهر ظاهرها دون باطنها ، ويليه فإنه قال : يطهر كلها إلا جلد الخنزير ، ويليه أبو حنيفة فإنه قال : يطهر الكل إلا جلد الكلب والخنزير ، ويليه الشافعي الأوزاعي فإنهما يقولان : يطهر جلد ما يؤكل لحمه فقط ، ويليه وأبو ثور أحمد بن حنبل رضي الله عنهم فإنه قال : لا يطهر منها شيء بالدباغ ، واحتج أحمد بالآية والخبر ، أما الآية فقوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة : 3 ] أطلق التحريم وما قيده بحال دون حال .
وأما الخبر فقول عبد الله بن حكيم : أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ، أجابوا عن التمسك بالآية ، بأن جائز ، وقد وجدا ههنا خبر الواحد فقوله عليه الصلاة والسلام : " تخصيص العموم بخبر الواحد وبالقياس " . أيما إهاب دبغ فقد طهر
وأما القياس : فهو أن الدباغ يعيد الجلد إلى ما كان عليه حال الحياة ، وكما كان حال الحياة طاهرا كذلك بعد الدباغ ، وهذا القياس والخبر هما معتمد رحمه الله . الشافعي