( يقول يا ليتني قدمت لحياتي )
ثم شرح تعالى ما يقوله هذا الإنسان فقال تعالى : ( يقول ياليتني قدمت لحياتي ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : للآية تأويلات :
أحدهما : ( ياليتني قدمت ) في الدنيا التي كانت حياتي فيها منقطعة لحياتي هذه التي هي دائمة غير منقطعة ، وإنما قال : ( لحياتي ) ولم يقل : " لهذه الحياة " على معنى أن ، قال تعالى : ( الحياة كأنها ليست إلا الحياة في الدار الآخرة وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ) [ العنكبوت : 64 ] أي لهي الحياة .
وثانيها : أنه تعالى قال في حق الكافر : ( ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ) [ إبراهيم : 17 ] وقال : ( فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ) [ طه : 74 ] وقال : ( ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) [ الأعلى : 13 ] فهذه الآية دلت على أن ، والمعنى فيا ليتني قدمت عملا يوجب نجاتي من النار حتى أكون من الأحياء . أهل النار في الآخرة كأنه لا حياة لهم
.
وثالثها : أن يكون المعنى : فيا ليتني قدمت وقت حياتي في الدنيا ، كقولك جئته لعشر ليال خلون من رجب .
المسألة الثانية : استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن الاختيار كان في أيديهم ومعلقا بقصدهم وإرادتهم وأنهم ما كانوا محجوبين عن الطاعات مجترئين على المعاصي ، وجوابه : أن فعلهم كان معلقا بقصدهم ، فقصدهم إن كان معلقا بقصد آخر لزم التسلسل ، وإن كان معلقا بقصد الله فقد بطل الاعتزال .