( ورتل القرآن ترتيلا ) .
قوله تعالى : ( ورتل القرآن ترتيلا ) قال الزجاج : رتل القرآن ترتيلا ، بينه تبيينا ، والتبيين لا يتم بأن يعجل في القرآن ، إنما يتم بأن يتبين جميع الحروف ، ويوفي حقها من الإشباع ، قال : أصله من قولهم : ثغر رتل إذا كان بين الثنايا افتراق ليس بالكثير ، وقال المبرد الليث : الترتيل تنسيق الشيء ، وثغر رتل : حسن التنضيد ، ورتلت الكلام ترتيلا : إذا تمهلت فيه وأحسنت تأليفه ، وقوله تعالى : ( ترتيلا ) تأكيد في إيجاب الأمر به ، وأنه مما لا بد منه للقارئ .
واعلم أنه تعالى لما أمره بصلاة الليل أمره حتى يتمكن الخاطر من التأمل في حقائق تلك الآيات ودقائقها ، فعند الوصول إلى ذكر الله يستشعر عظمته وجلالته ، وعند الوصول إلى الوعد والوعيد يحصل الرجاء والخوف ، وحينئذ يستنير القلب بنور معرفة الله ، والإسراع في القراءة يدل على عدم الوقوف على المعاني ؛ لأن النفس تبتهج بذكر الأمور الإلهية الروحانية ، ومن ابتهج بشيء أحب ذكره ، ومن أحب [ ص: 154 ] شيئا لم يمر عليه بسرعة ، فظهر أن المقصود من الترتيل إنما هو حضور القلب وكمال المعرفة . بترتيل القرآن