( ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم )
ثم قال تعالى : ( ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ ) .
أي بالكؤوس وقال تعالى : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين ) [ الواقعة : 17 18] وقوله ( لهم ) أي ملكهم إعلاما لهم بقدرتهم على التصرف فيهم بالأمر والنهي والاستخدام، وهذا هو المشهور ويحتمل وجها آخر وهو أنه تعالى لما بين امتياز خمر الآخرة عن خمر الدنيا بين ، فإن الغلمان في الدنيا إذا طافوا على السادة الملوك يطوفون عليهم لحظ أنفسهم إما لتوقع النفع أو لتوفر الصفح ، وأما في الآخرة فطوفهم عليهم متمخض لهم ولنفعهم ولا حاجة لهم إليهم والغلام الذي هذا شأنه له مزية على غيره وربما يبلغ درجة الأولاد . وقوله تعالى : ( امتياز غلمان الآخرة عن غلمان الدنيا كأنهم لؤلؤ ) أي في الصفاء ، و ( مكنون ) ليفيد زيادة في صفاء ألوانهم أو لبيان أنهم كالمخدرات لا بروز لهم ولا خروج من عندهم فهم في أكنافهم .
[ ص: 219 ] ثم قال تعالى : ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ) إشارة إلى أنهم ، وكذلك الكافر لا ينسى ما كان له من النعيم في الدنيا ، فتزداد لذة المؤمن من حيث يرى نفسه انتقلت من السجن إلى الجنة ومن الضيق إلى السعة ، ويزداد الكافر ألما حيث يرى نفسه منتقلة من الشرف إلى التلف ومن النعيم إلى الجحيم ، ثم يتذكرون يعلمون ما جرى عليهم في الدنيا ويذكرونه ، فيقولون ( ما كانوا عليه في الدنيا من الخشية والخوف إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ) وهو أنهم يكون تساؤلهم عن سبب ما وصلوا إليه فيقولون: خشية الله كنا نخاف الله ( فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ) وفيه لطيفة وهو أن يكون إشفاقهم على فوات الدنيا والخروج منها ومفارقة الإخوان، ثم لما نزلوا الجنة علموا خطأهم .