أما فلا يخفف عنهم العذاب ) ففيه مسألتان : قوله تعالى : (
المسألة الأولى : في دخول الفاء في قوله : ( فلا يخفف ) قولان :
أحدهما : العطف على ( اشتروا ) والقول الآخر بمعنى جواب الأمر ، كقولك أولئك الضلال انتبه فلا خير فيهم ، والأول أوجه لأنه لا حاجة فيه إلى الإضمار .
المسألة الثانية : بعضهم حمل التخفيف على أنه لا ينقطع بل يدوم ، لأنه لو انقطع لكان قد خف ، وحمله آخرون على شدته لا على دوامه والأولى أن يقال : إن العذاب قد يخف بالانقطاع وقد يخف بالقلة في [ ص: 160 ] كل وقت أو في بعض الأوقات ، فإذا وصف تعالى عذابهم بأنه لا يخفف اقتضى ذلك نفي جميع ما ذكرناه .
أما قوله تعالى : ( ولا هم ينصرون ) ففيه وجهان :
الأكثرون حملوه على نفي النصرة في الآخرة يعني أن أحدا لا يدفع هذا العذاب عنهم ولا هم ينصرون على من يريد عذابهم ، ومنهم من حمله على نفي النصرة في الدنيا ، والأول أولى لأنه تعالى جعل ذلك جزاء على صنيعهم ، ولذلك قال : ( فلا يخفف عنهم العذاب ) وهذه الصفة لا تليق إلا بالآخرة ، لأن عذاب الدنيا وإن حصل فيصير كالحدود التي تقام على المقصر ولأن الكفار قد يصيرون غالبين للمؤمنين في بعض الأوقات .