أما والله مخرج ما كنتم تكتمون ) أي مظهر لا محالة ما كتمتم من أمر القتل . فإن قيل : كيف أعمل "مخرج" وهو في معنى المضي ؟ قلنا : قد حكى ما كان مستقبلا في وقت التدارء كما حكى الحاضر في قوله : ( قوله تعالى : ( باسط ذراعيه ) [الكهف : 18] وهذه الجملة اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه وهما "ادارأتم ، فقلنا" ثم فيه مسائل :
المسألة الأولى : قالت المعتزلة قوله : ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) أي لا بد وأن يفعل ذلك وإنما حكم بأنه لا بد وأن يفعل ذلك ؛ لأن الاختلاف والتنازع في باب القتل يكون سببا للفتن والفساد والله لا يحب الفساد فلأجل هذا قال : لا بد وأن يزيل هذا الكتمان ليزول ذلك الفساد ، فدل ذلك على أنه سبحانه لا يريد الفساد ولا يرضى به ولا يخلقه .
المسألة الثانية : الآية تدل على وإلا لما قدر على إظهار ما كتموه . أنه تعالى عالم بجميع المعلومات
المسألة الثالثة : تدل الآية على أن ما يسره العبد من خير أو شر ودام ذلك منه فإن الله سيظهره . قال عليه الصلاة والسلام : " إن عبدا لو أطاع الله من وراء سبعين حجابا لأظهر الله ذلك على ألسنة الناس " وكذلك المعصية . وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام : "قل لبني إسرائيل يخفون لي أعمالهم وعلي أن أظهرها لهم" .
المسألة الرابعة : دلت الآية على أنه لأن قوله : ( يجوز ورود العام لإرادة الخاص ما كنتم تكتمون ) يتناول كل المكتومات ثم إن الله تعالى أراد هذه الواقعة .