( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا )
قوله تعالى : ( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا )
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قوله تعالى : ( فخرج على قومه من المحراب ) قيل ثم ينتقل إلى قومه فعند ذلك أوحى إليهم ، وقيل : كان موضعا يصلي فيه هو وغيره إلا أنهم كانوا لا يدخلونه للصلاة إلا بإذنه وأنهم اجتمعوا ينتظرون خروجه للإذن فخرج إليهم وهو لا يتكلم فأوحى إليهم . كان له موضع ينفرد فيه بالصلاة والعبادة
المسألة الثانية : لا يجوز أن يكون المراد من قوله أوحى إليهم الكلام ؛ لأن الكلام كان ممتنعا عليه فكان المراد غير الكلام وهو أن يعرفهم ذلك إما بالإشارة أو برمز مخصوص أو بكتابة لأن كل ذلك يفهم منه المراد فعلموا أنه قد كان ما بشر به فكما حصل السرور له حصل لهم فظهر لهم إكرام الله تعالى له بالإجابة ، واعلم أن الأشبه بالآية هو الإشارة لقوله تعالى في سورة آل عمران : ( ثلاثة أيام إلا رمزا ) [آل عمران : 41] والرمز لا يكون كناية للكلام .
المسألة الثالثة : اتفق المفسرون على أنه أراد بالتسبيح الصلاة وهو جائز في اللغة يقال : سبحة الضحى أي : صلاة الضحى ، وعن رضي الله عنها في صلاة الضحى : "إني لأسبحها" أي : لأصليها إذا ثبت هذا فنقول : روي عن عائشة أن البكرة صلاة الفجر ، والعشي صلاة العصر ويحتمل أن يكون إنما كانوا يصلون معه في محرابه هاتين الصلاتين فكان يخرج إليهم فيأذن لهم بلسانه ، فلما اعتقل لسانه خرج إليهم كعادته فأذن لهم بغير كلام ، والله أعلم . أبي العالية