( المسألة السابعة ) : هذه الآيات يتمسك الوعيدية بها من وجه ، والمرجئة من وجه آخر . أما الوعيدية فمن وجهين : الأول : أن قوله : ( وأولئك هم المفلحون ) يقتضي الحصر ، فوجب فيمن أخل بالصلاة والزكاة أن لا [ ص: 33 ] يكون مفلحا ، وذلك يوجب القطع على وعيد . الثاني : أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بكون ذلك الوصف علة لذلك الحكم ، فيلزم أن تكون علة الفلاح هي فعل الإيمان والصلاة والزكاة ، فمن أخل بهذه الأشياء لم يحصل له علة الفلاح ، فوجب أن لا يحصل الفلاح . أما تارك الصلاة والزكاة المرجئة فقد احتجوا بأن الله حكم بالفلاح على الموصوفين بالصفات المذكورة في هذه الآية ، فوجب أن يكون الموصوف بهذه الأشياء مفلحا وإن زنى وسرق وشرب الخمر ، وإذا ثبت في هذه الطائفة تحقق العفو ثبت في غيرهم ضرورة ، إذ لا قائل بالفرق . والجواب : أن كل واحد من الاحتجاجين معارض بالآخر فيتساقطان ، ثم الجواب عن قول الوعيدية : أن قوله : ( وأولئك هم المفلحون ) يدل على أنهم الكاملون في الفلاح ، فيلزم أن يكون صاحب الكبيرة غير كامل في الفلاح ، ونحن نقول بموجبه ، فإنه كيف يكون كاملا في الفلاح وهو غير جازم بالخلاص من العذاب ، بل يجوز له أن يكون خائفا منه ، وعن الثاني : أن نفي السبب الواحد لا يقتضي نفي المسبب ، فعندنا . والجواب عن قول من أسباب الفلاح عفو الله تعالى المرجئة : أن وصفهم بالتقوى يكفي في نيل الثواب ؛ لأنه يتضمن اتقاء المعاصي ، واتقاء ترك الواجبات ، والله أعلم .