المسألة السادسة : أنا وإن ذكرنا أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ) أجري مجرى قوله قولوا : الحمد لله رب العالمين ، فإنما ذكرناه لأن قوله في أثناء السورة (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 4 ] لا يليق إلا بالعبد ، فلهذا السبب افتقرنا هناك إلى هذا الإضمار . أما هذه السورة وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ) فلا يبعد أن يكون المراد منه ثناء الله تعالى به على نفسه .
وإذا ثبت هذا فنقول : إن هذا يدل من بعض الوجوه على
nindex.php?page=treesubj&link=33677_28717_29443_29442أنه تعالى منزه عن الشبيه في الذات والصفات والأفعال وذلك لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله ) جار مجرى مدح النفس وذلك قبيح في الشاهد ، فلما أمرنا بذلك دل هذا على أنه لا يمكن قياس الحق على الخلق ، فكما أن هذا قبيح من الخلق مع أنه لا يقبح من الحق ، فكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=33677_29627_29624_29442ليس كل ما يقبح من الخلق وجب أن يقبح من الحق ، وبهذا الطريق وجب أن يبطل كلمات
المعتزلة في أن ما قبح منا وجب أن يقبح من الله .
إذا عرفت بهذا الطريق أن أفعاله لا تشبه أفعال الخلق ، فكذلك صفاته لا تشبه صفات الخلق ، وذاته لا تشبه ذوات الخلق ، وعند هذا يحصل التنزيه المطلق والتقديس الكامل عن كونه تعالى مشابها لغيره في الذات والصفات والأفعال ، فهو
nindex.php?page=treesubj&link=33677_29713_29624الله سبحانه واحد في ذاته ، لا شريك له في صفاته ، ولا نظير له ، واحد في أفعاله لا شبيه له ، تعالى وتقدس ، والله أعلم .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : أَنَّا وَإِنْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) أُجْرِيَ مَجْرَى قَوْلِهِ قُولُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) [ الْفَاتِحَةِ : 4 ] لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْعَبْدِ ، فَلِهَذَا السَّبَبِ افْتَقَرْنَا هُنَاكَ إِلَى هَذَا الْإِضْمَارِ . أَمَّا هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ ثَنَاءَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ .
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ : إِنَّ هَذَا يَدُلُّ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33677_28717_29443_29442أَنَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الشَّبِيهِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ ) جَارٍ مَجْرَى مَدْحِ النَّفْسِ وَذَلِكَ قَبِيحٌ فِي الشَّاهِدِ ، فَلَمَّا أَمَرَنَا بِذَلِكَ دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قِيَاسُ الْحَقِّ عَلَى الْخَلْقِ ، فَكَمَا أَنَّ هَذَا قَبِيحٌ مِنَ الْخَلْقِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْبُحُ مِنَ الْحَقِّ ، فَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=33677_29627_29624_29442لَيْسَ كُلُّ مَا يَقْبُحُ مِنَ الْخَلْقِ وَجَبَ أَنْ يَقْبُحَ مِنَ الْحَقِّ ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ وَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ كَلِمَاتُ
الْمُعْتَزِلَةِ فِي أَنَّ مَا قَبُحَ مِنَّا وَجَبَ أَنْ يَقْبُحَ مِنَ اللَّهِ .
إِذَا عَرَفْتَ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَنَّ أَفْعَالَهُ لَا تُشْبِهُ أَفْعَالَ الْخَلْقِ ، فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لَا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْخَلْقِ ، وَذَاتُهُ لَا تُشْبِهُ ذَوَاتَ الْخَلْقِ ، وَعِنْدَ هَذَا يَحْصُلُ التَّنْزِيهُ الْمُطْلَقُ وَالتَّقْدِيسُ الْكَامِلُ عَنْ كَوْنِهِ تَعَالَى مُشَابِهًا لِغَيْرِهِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ ، فَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=33677_29713_29624اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي صِفَاتِهِ ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ ، وَاحِدٌ فِي أَفْعَالِهِ لَا شَبِيهَ لَهُ ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .