( وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون إن ينصركم الله فلا غالب لكم )
قوله تعالى : ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
قال : إن ينصركم الله كما نصركم يوم ابن عباس بدر ، فلا يغلبكم أحد ، وإن يخذلكم كما خذلكم يوم أحد لم ينصركم أحد . وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قيل المقصود من الآية الترغيب في الطاعة ، والتحذير عن المعصية ، وذلك لأنه تعالى بين فيما تقدم أن من اتقى معاصي الله تعالى نصره الله ، وهو قوله : ( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة ) [آل عمران : 125] ثم بين في هذه الآية أن ، فيحصل من مجموع هاتين المقدمتين ، أن من نصره الله فلا غالب له فإنه يفوز بسعادة لا شقاوة معها وبعز لا ذل معه ، ويصير غالبا لا يغلبه أحد ، وأما من أتى بالمعصية فإن الله يخذله ، ومن خذله الله فقد وقع في شقاوة لا سعادة معها ، وذل لا عز معه . من اتقى الله فقد فاز بسعادة الدنيا والآخرة
المسألة الثانية : احتج الأصحاب بهذه الآية على أن ، والكفر لا يحصل إلا بخذلانه ، والوجه فيه ظاهر لأنها دالة على أن الأمر كله لله . الإيمان لا يحصل إلا بإعانة الله
المسألة الثالثة : قرأ ( وإن يخذلكم ) من أخذله إذا جعله مخذولا . عبيد بن عمير
المسألة الرابعة : قوله : ( من بعده ) فيه وجهان :
الأول : يعني من بعد خذلانه .
والثاني : أنه مثل قولك : ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان .
ثم قال : ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) يعني لما ثبت أن الأمر كله بيد الله ، وأنه لا راد لقضائه ولا دافع لحكمه وجب أن لا يتوكل المؤمن إلا عليه ، وقوله : ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) يفيد الحصر ، أي على الله فليتوكل المؤمنون لا على غيره .