المسألة الثالثة : قوله ( واشهدوا ) فيه قولان :
الأول : أنه عطف ، والتقدير بعد أن آمنوا وبعد أن شهدوا أن الرسول حق ؛ لأن عطف الفعل على الاسم لا يجوز فهو في الظاهر وإن اقتضى عطف الفعل على الاسم لكنه في المعنى عطف الفعل على الفعل .
الثاني : أن الواو للحال بإضمار " قد " ، والتقدير : كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم حال ما شهدوا أن الرسول حق .
المسألة الرابعة : تقدير الآية : كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ، وبعد الشهادة بأن الرسول حق ، وقد جاءتهم البينات ، فعطف الشهادة بأن الرسول حق ، على الإيمان ، والمعطوف مغاير للمعطوف عليه ، فيلزم أن الشهادة بأن الرسول حق مغاير للإيمان ، وجوابه : أن مذهبنا أن الإيمان هو التصديق بالقلب ، والشهادة هي الإقرار باللسان ، وهما متغايران فصارت هذه الآية من هذا الوجه دالة على أن وأنه معنى قائم بالقلب . الإيمان مغاير للإقرار باللسان
المسألة الخامسة : اعلم أنه تعالى استعظم كفر القوم من حيث إنه حصل بعد خصال ثلاث : أحدها : بعد الإيمان ، وثانيها : بعد شهادة كون الرسول حقا . وثالثها : بعد مجيء البينات ، وإذا كان الأمر كذلك كان ذلك الكفر صلاحا بعد البصيرة وبعد إظهار الشهادة ، فيكون الكفر بعد هذه الأشياء أقبح ؛ لأن مثل هذا الكفر يكون كالمعاندة والجحود ، وهذا يدل على أن . زلة العالم أقبح من زلة الجاهل