ثم قال تعالى : ( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ عاصم وحمزة وابن عامر : " ولا يأمركم " بنصب الراء والباقون بالرفع ، أما النصب فوجهه أن يكون عطفا على : " ثم يقول " وفيه وجهان :
أحدهما : أن تجعل " لا " مزيدة ، والمعنى : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ويأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ، كما تقول : ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ويستخف بي .
والثاني : أن تجعل " لا " غير [ ص: 100 ] مزيدة ، والمعنى أن قريشا عن عبادة الملائكة ، واليهود والنصارى عن عبادة عزير والمسيح ، فلما قالوا : أتريد أن نتخذك ربا ؟ قيل لهم : ما كان لبشر أن يجعله الله نبيا ثم يأمر الناس بعبادة نفسه وينهاهم عن عبادة الملائكة والأنبياء ، وأما القراءة بالرفع على سبيل الاستئناف فظاهر ؛ لأنه بعد انقضاء الآية وتمام الكلام ، ومما يدل على الانقطاع عن الأول ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينهى ابن مسعود أنه قرأ : " ولن يأمركم " .
المسألة الثانية : قال الزجاج : ولا يأمركم الله ، وقال : لا يأمركم ابن جريج محمد ، وقيل : لا يأمركم الأنبياء بأن تتخذوا الملائكة أربابا كما فعلته قريش .
المسألة الثالثة : إنما خص الملائكة والنبيين بالذكر لأن الذين وصفوا من أهل الكتاب بعبادة غير الله لم يحك عنهم إلا عبادة الملائكة وعبادة المسيح وعزير ، فلهذا المعنى خصهما بالذكر .