513-
زهير البابي
ومنهم الداعي المحابي
أبو عبد الرحمن زهير بن نعيم البابي ، كان أغلب أحواله عليه الصبر واليقين ، فأيد بالنصر والتمكين .
أخبرنا
عبد الله بن جعفر - فيما قرئ عليه وأذن لي فيه- ثنا
أحمد بن عاصم قال : قال
زهير بن نعيم : "
nindex.php?page=treesubj&link=19572_19573_29507إن هذا الأمر لا يتم إلا بشيئين : الصبر واليقين ، فإن كان يقين ولم يكن معه صبر لم يتم ، وإن كان صبر ولم يكن معه يقين لم يتم ، وقد ضرب لهما
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء مثلا فقال : مثل اليقين والصبر مثل فدادين يحفران الأرض فإذا جلس واحد جلس الآخر " .
أخبرنا
عبد الله ، ثنا
أحمد بن عاصم ، قال : سمعت خالي
عبد العزيز بن يوسف يقول : أردت الخروج من
البصرة فبدأت
بيحيى بن سعيد فودعته ، ثم ودعت
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي ، ثم ودعت
زهيرا ، فقلت : هل من حاجة؟ قال : نعم إلا أنها مهمة مهمة .
nindex.php?page=treesubj&link=19863_19867اتق الله فوالله لأن يتقيه رجل -أو قال عبد- أحب إلي من أن تتحول لي هذه السواري كلها ذهبا . فلما وليت ردني فقال : وحاجة أخرى : لا تدخل على قاض ولا على من يدخل على القاضي ، فإني في هذا المصر منذ خمسين سنة ما نظرت إلى وجه قاض ولا وال .
أخبرنا
عبد الله ، ثنا
أحمد بن عاصم قال : كانت يدي في يد
زهير أمشي معه فانتهينا إلى رجل مكفوف يقرأ فلما سمع قراءته وقف ونظر وقال :
[ ص: 148 ] لا تغرنك قراءته ، والله والله إنه شر من الغناء وضرب العود - وكان مهيبا ولم أسأله يومئذ - فلما كان بعد أيام ارتفع إلى
بني قشير فقمت وسلمت عليه ، فقلت : يا
أبا عبد الرحمن إنك قلت لي يومئذ كذا وكذا ، فكأنه نصب عينيه فقال لي : يا أخي نعم
nindex.php?page=treesubj&link=18472_18473_18474_18483لأن يطلب الرجل هذه الدنيا بالزمر والغناء والعود خير من أن يطلبها بالدين ، ثم قال
زهير : لا أعلم أني توكلت على الله ساعة قط .
قال
أحمد : وسمعت
الحصين بن جميل يقول : سمعت
زهيرا ، يقول : إن قدرت أن تكون عند الله أخس من كلب فافعل ، قال
أحمد : وكتب إلينا - وكان
بأصبهان الوباء والمجاعة - إن الموت كثير . وقال لي
حصين : يا
أبا يحيى تعالى حتى نرتفع إلى
زهير فنخبره بما كتب إلينا ، فلعله يدعو لهم بدعوة فأتيته فأخبرته بما كتب إلينا من كثرة الموت ، فقال لي :
nindex.php?page=treesubj&link=1969_32879_32872_1970لا تأمنن من الموت قلته ولا تخافن كثرته ، ثم قال : حدثني
معدي عن رجل يكنى
بأبي البغيل -وكان قد أدرك زمن الطاعون- قال : كنا نطوف في القبائل وندفن الموتى فلما كثروا لم نقو على الدفن ، فكنا ندخل الدار قد مات أهلها فنسد بابها قال : فدخلنا دارا ففتشناها فلم نجد فيها أحدا حيا ، قال : فسددنا بابها قال : فلما مضت الطواعين كنا نطوف في القبائل وننزع تلك السدة التي سددناها فنزعنا سدة ذلك الباب التي دخلناها ففتشناها فلم نجد أحدا حيا ، قال : فإذا نحن بغلام في وسط الدار طري دهين كأنه أخذ ساعتئذ من حجر أمه قال : ونحن وقوف على الغلام نتعجب منه ، قال : فدخلت كلبة من شق أو خرق في حائط قال : فجعلت تلوذ بالغلام والغلام يحبو إليها حتى مص من لبنها ، قال
زهير : قال
معدي : رأيت هذا الغلام في
مسجد البصرة قد قبض على لحيته . قال : وكان
زهير كثيرا ما يتمثل بهذا البيت :
حتى متى أنت في دنياك مشتغل وعامل الله عن دنياك مشغول
قال
أحمد : وبلغني عن
الباهلي ، قال : كنت أقود
زهيرا فلما أردت أن أفارقه قلت له : أوصني ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=19949إذا رأيت الرجل لا ينصف من نفسه ، فإن قدرت أن لا تراه فلا تراه . قال
أحمد : وكان
زهير أصيب ببصره في آخر عمره فبلغني أن بعض إخوانه استقبله بعد ما أصيب ببصره فسلم عليه فقال : من الرجل ؟
[ ص: 149 ] فاسترجع الرجل فجزع جزعا شديدا ، فلما رأى
زهير جزع الرجل قال له : أخي كانت معي كسرة فيها دانق فسقطت ، فكان فقدها أشد علي من ذهاب بصري .
قال
أحمد : وبلغني أنه كان شاكيا ، فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم يعوده فقيل له :
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم ، فقال : وما أصنع به لو كان على حش من حشوش الأرض
بالبصرة يكون خيرا له .
قال
أحمد : ودخلت عليه يوما فقال لي : ألك أب ؟ قلت : لا ، قال : ألك أم ؟ قلت : لا ، قال : الله أكبر كم ترى يبقى فرع بعد أصل ؟ يا أخي عليك بالدعاء والابتهال لهما فإنه بلغني أن
nindex.php?page=treesubj&link=18017_18016الله يرفع الوالدين بدعاء الولد لهما هكذا ورفع يديه .
قال
أحمد : وأخبرني
عبد الرحمن بن عمر ، قال : انتهى إلينا يوما رجل من هؤلاء الخبثاء
القدرية فقال : يا
أبا عبد الرحمن ، بلغني أنك زنديق ، فقال
زهير : زنديق زنديق ، أما زنديق فلا ، ولكني رجل سوء " .
حدثنا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا
عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا
سلمة بن شبيب ، ثنا
سهل بن عاصم قال : سمعت
إبراهيم يقول : سمعت رجلا ، يقول
لزهير بن نعيم : ممن أنت يا
أبا عبد الرحمن ؟ قال : " ممن أنعم الله عليه بالإسلام ، قال : إنما أريد النسب ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=101فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) " .
حدثنا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا
عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا
سلمة بن شبيب ، ثنا
سهل بن عاصم قال : قلت
لزهير بن نعيم : يا
أبا عبد الرحمن ألك حاجة ؟ قال : نعم ، قلت : ما هي ؟ قال : " تتقي الله فوالله
nindex.php?page=treesubj&link=19863_19867لأن تتقي الله أحب إلي من أن يصير هذا الحائط ذهبا " .
وبه ثنا
سهل ، ثنا
إبراهيم بن سعيد بن أنس قال : سمعت
زهير بن نعيم يقول : "
nindex.php?page=treesubj&link=19705لأن يتوب رجل أحب إلي من أن يرد الله إلي بصري ، لأن يتوب رجل أحب إلي من أن يتحول سواري المسجد لي ذهبا " .
قال : وحدثنا
سهل قال : سمعت
عمشط بن زياد يقول : سمعت
زهير بن نعيم يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=32515_32509جالست الناس منذ خمسين سنة فما رأيت أحدا إلا وهو يتبع هواه حتى إنه ليخطئ فيحب أن الناس قد أخطئوا ، ولأن أسمع في
[ ص: 150 ] جاري صوت ضرب أحب إلي من أن يقال لي : أخطأ فلان " .
قال
سهل : وسمعت من
nindex.php?page=treesubj&link=29413سمع زهيرا يحلف بالله الذي لا إله إلا هو لأنا بمن لا يؤمن بالله أشبه مني بمن يؤمن بالله " فذكرت هذا القول لعشرة من
أهل الصفا فمنهم من بكى ، ومنهم من صاح ، ومنهم من انتفض ، ومنهم من بهت .
قال
سهل : وسمعت
زهيرا يقول : "
nindex.php?page=treesubj&link=30503_30491وددت أن جسدي قرض بالمقارض وأن هذا الخلق أطاعوا الله " .
قال
سهل : وحدثنا
عبد الله بن عبد الغفار الكرماني قال : صعدت إلى
زهير بن نعيم وقد سقط من سطحه وذلك بعدما ذهب بصره وهو متهشم الوجه بحال شديدة فقلت له : يا
أبا عبد الرحمن ، كيف حالك ؟ قال : " على ما ترى وما يسرني بأني أشد من هذا الخلق ،
nindex.php?page=treesubj&link=29497هي الدنيا فلتصنع ما شاءت " .
513-
زهير البابي
وَمِنْهُمُ الدَّاعِي الْمُحَابِي
أبو عبد الرحمن زهير بن نعيم البابي ، كَانَ أَغْلَبَ أَحْوَالِهِ عَلَيْهِ الصَّبْرُ وَالْيَقِينُ ، فَأُيِّدَ بِالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ .
أَخْبَرَنَا
عبد الله بن جعفر - فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَذِنَ لِي فِيهِ- ثَنَا
أحمد بن عاصم قَالَ : قَالَ
زهير بن نعيم : "
nindex.php?page=treesubj&link=19572_19573_29507إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِشَيْئَيْنِ : الصَّبْرُ وَالْيَقِينُ ، فَإِنْ كَانَ يَقِينٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَبْرٌ لَمْ يَتِمَّ ، وَإِنْ كَانَ صَبْرٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَقِينٌ لَمْ يَتِمَّ ، وَقَدْ ضَرَبَ لَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ مَثَلًا فَقَالَ : مَثَلُ الْيَقِينِ وَالصَّبْرِ مَثَلُ فَدَّادَيْنِ يَحْفُرَانِ الْأَرْضَ فَإِذَا جَلَسَ وَاحِدٌ جَلَسَ الْآخَرُ " .
أَخْبَرَنَا
عبد الله ، ثَنَا
أحمد بن عاصم ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِي
عبد العزيز بن يوسف يَقُولُ : أَرَدْتُ الْخُرُوجَ مِنَ
الْبَصْرَةِ فَبَدَأْتُ
بيحيى بن سعيد فَوَدَّعْتُهُ ، ثُمَّ وَدَّعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16349عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ، ثُمَّ وَدَّعْتُ
زهيرا ، فَقُلْتُ : هَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ : نَعَمْ إِلَّا أَنَّهَا مُهِمَّةٌ مُهِمَّةٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=19863_19867اتَّقِ اللَّهَ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَتَّقِيَهُ رَجُلٌ -أَوْ قَالَ عَبْدٌ- أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَتَحَوَّلَ لِي هَذِهِ السَّوَارِي كُلُّهَا ذَهَبًا . فَلَمَّا وَلَّيْتُ رَدَّنِي فَقَالَ : وَحَاجَةٌ أُخْرَى : لَا تَدْخُلْ عَلَى قَاضٍ وَلَا عَلَى مَنْ يَدْخُلُ عَلَى الْقَاضِي ، فَإِنِّي فِي هَذَا الْمِصْرِ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً مَا نَظَرْتُ إِلَى وَجْهِ قَاضٍ وَلَا وَالٍ .
أَخْبَرَنَا
عبد الله ، ثَنَا
أحمد بن عاصم قَالَ : كَانَتْ يَدِي فِي يَدِ
زهير أَمْشِي مَعَهُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مَكْفُوفٍ يَقْرَأُ فَلَمَّا سَمِعَ قِرَاءَتَهُ وَقَفَ وَنَظَرَ وَقَالَ :
[ ص: 148 ] لَا تَغُرَّنَّكَ قِرَاءَتُهُ ، وَاللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّهُ شَرٌّ مِنَ الْغِنَاءِ وَضَرْبِ الْعُودِ - وَكَانَ مَهِيبًا وَلَمْ أَسْأَلْهُ يَوْمَئِذٍ - فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ ارْتَفَعَ إِلَى
بَنِي قُشَيْرٍ فَقُمْتُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا
أبا عبد الرحمن إِنَّكَ قُلْتَ لِي يَوْمَئِذٍ كَذَا وَكَذَا ، فَكَأَنَّهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ لِي : يَا أَخِي نَعَمْ
nindex.php?page=treesubj&link=18472_18473_18474_18483لَأَنْ يَطْلُبَ الرَّجُلُ هَذِهِ الدُّنْيَا بِالزَّمْرِ وَالْغِنَاءِ وَالْعُودِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَطْلُبَهَا بِالدِّينِ ، ثُمَّ قَالَ
زهير : لَا أَعْلَمُ أَنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ سَاعَةً قَطُّ .
قَالَ
أحمد : وَسَمِعْتُ
الحصين بن جميل يَقُولُ : سَمِعْتُ
زهيرا ، يَقُولُ : إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ أَخَسَّ مِنْ كَلْبٍ فَافْعَلْ ، قَالَ
أحمد : وَكَتَبَ إِلَيْنَا - وَكَانَ
بِأَصْبَهَانَ الْوَبَاءُ وَالْمَجَاعَةُ - إِنَّ الْمَوْتَ كَثِيرٌ . وَقَالَ لِي
حصين : يَا
أبا يحيى تَعَالَى حَتَّى نَرْتَفِعَ إِلَى
زهير فَنُخْبِرَهُ بِمَا كَتَبَ إِلَيْنَا ، فَلَعَلَّهُ يَدْعُو لَهُمْ بِدَعْوَةٍ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَتَبَ إِلَيْنَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ ، فَقَالَ لِي :
nindex.php?page=treesubj&link=1969_32879_32872_1970لَا تَأْمَنَنَّ مِنَ الْمَوْتِ قِلَّتَهُ وَلَا تَخَافَنَّ كَثْرَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنِي
معدي عَنْ رَجُلٍ يُكَنَّى
بأبي البغيل -وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الطَّاعُونِ- قَالَ : كُنَّا نَطُوفُ فِي الْقَبَائِلِ وَنَدْفِنُ الْمَوْتَى فَلَمَّا كَثُرُوا لَمْ نَقْوَ عَلَى الدَّفْنِ ، فَكُنَّا نَدْخُلُ الدَّارَ قَدْ مَاتَ أَهْلُهَا فَنَسُدُّ بَابَهَا قَالَ : فَدَخَلْنَا دَارًا فَفَتَّشْنَاهَا فَلَمْ نَجِدْ فِيهَا أَحَدًا حَيًّا ، قَالَ : فَسَدَدْنَا بَابَهَا قَالَ : فَلَمَّا مَضَتِ الطَّوَاعِينُ كُنَّا نَطُوفُ فِي الْقَبَائِلِ وَنَنْزِعُ تِلْكَ السُّدَّةَ الَّتِي سَدَدْنَاهَا فَنَزَعْنَا سُدَّةَ ذَلِكَ الْبَابِ الَّتِي دَخَلْنَاهَا فَفَتَّشْنَاهَا فَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا حَيًّا ، قَالَ : فَإِذَا نَحْنُ بِغُلَامٍ فِي وَسَطِ الدَّارِ طَرِيٍّ دَهِينٍ كَأَنَّهُ أُخِذَ سَاعَتَئِذٍ مِنْ حِجْرِ أُمِّهِ قَالَ : وَنَحْنُ وُقُوفٌ عَلَى الْغُلَامِ نَتَعَجَّبُ مِنْهُ ، قَالَ : فَدَخَلَتْ كَلْبَةٌ مِنْ شَقٍّ أَوْ خَرْقٍ فِي حَائِطٍ قَالَ : فَجَعَلَتْ تَلُوذُ بِالْغُلَامِ وَالْغُلَامُ يَحْبُو إِلَيْهَا حَتَّى مَصَّ مِنْ لَبَنِهَا ، قَالَ
زهير : قَالَ
معدي : رَأَيْتُ هَذَا الْغُلَامَ فِي
مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ قَدْ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ . قَالَ : وَكَانَ
زهير كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ :
حَتَّى مَتَى أَنْتَ فِي دُنْيَاكَ مُشْتَغِلٌ وَعَامِلُ اللَّهِ عَنْ دُنْيَاكَ مَشْغُولُ
قَالَ
أحمد : وَبَلَغَنِي عَنِ
الباهلي ، قَالَ : كُنْتُ أَقُودُ
زهيرا فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ قُلْتُ لَهُ : أَوْصِنِي ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=19949إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ لَا يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ ، فَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تَرَاهُ فَلَا تَرَاهُ . قَالَ
أحمد : وَكَانَ
زهير أُصِيبَ بِبَصَرِهِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ إِخْوَانِهِ اسْتَقْبَلَهُ بَعْدَ مَا أُصِيبَ بِبَصَرِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ : مَنِ الرَّجُلُ ؟
[ ص: 149 ] فَاسْتَرْجَعَ الرَّجُلُ فَجَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا ، فَلَمَّا رَأَى
زهير جَزَعَ الرَّجُلِ قَالَ لَهُ : أَخِي كَانَتْ مَعِي كِسْرَةٌ فِيهَا دَانِقٌ فَسَقَطَتْ ، فَكَانَ فَقْدُهَا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ ذَهَابِ بَصَرِي .
قَالَ
أحمد : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ شَاكِيًا ، فَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=17299يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ يَعُودُهُ فَقِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=17299يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ ، فَقَالَ : وَمَا أَصْنَعُ بِهِ لَوْ كَانَ عَلَى حُشٍّ مِنْ حُشُوشِ الْأَرْضِ
بِالْبَصْرَةِ يَكُونُ خَيْرًا لَهُ .
قَالَ
أحمد : وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَالَ لِي : أَلَكَ أَبٌ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : أَلَكَ أُمٌّ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ كَمْ تَرَى يَبْقَى فَرْعٌ بَعْدَ أَصْلٍ ؟ يَا أَخِي عَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ لَهُمَا فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18017_18016اللَّهَ يَرْفَعُ الْوَالِدَيْنِ بِدُعَاءِ الْوَلَدِ لَهُمَا هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ .
قَالَ
أحمد : وَأَخْبَرَنِي
عبد الرحمن بن عمر ، قَالَ : انْتَهَى إِلَيْنَا يَوْمًا رَجُلٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْخُبَثَاءِ
الْقَدَرِيَّةِ فَقَالَ : يَا
أبا عبد الرحمن ، بَلَغَنِي أَنَّكَ زِنْدِيقٌ ، فَقَالَ
زهير : زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ ، أَمَّا زِنْدِيقٌ فَلَا ، وَلَكِنِّي رَجُلُ سُوءٍ " .
حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثَنَا
عبد الله بن محمد بن العباس ، ثَنَا
سلمة بن شبيب ، ثَنَا
سهل بن عاصم قَالَ : سَمِعْتُ
إبراهيم يَقُولُ : سَمِعْتُ رَجُلًا ، يَقُولُ
لزهير بن نعيم : مِمَّنْ أَنْتَ يَا
أبا عبد الرحمن ؟ قَالَ : " مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ ، قَالَ : إِنَّمَا أُرِيدُ النَّسَبَ ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=101فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ) " .
حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثَنَا
عبد الله بن محمد بن العباس ، ثَنَا
سلمة بن شبيب ، ثَنَا
سهل بن عاصم قَالَ : قُلْتُ
لزهير بن نعيم : يَا
أبا عبد الرحمن أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : مَا هِيَ ؟ قَالَ : " تَتَّقِي اللَّهَ فَوَاللَّهِ
nindex.php?page=treesubj&link=19863_19867لَأَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَصِيرَ هَذَا الْحَائِطُ ذَهَبًا " .
وَبِهِ ثَنَا
سهل ، ثَنَا
إبراهيم بن سعيد بن أنس قَالَ : سَمِعْتُ
زهير بن نعيم يَقُولُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=19705لَأَنْ يَتُوبَ رَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي ، لَأَنْ يَتُوبَ رَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَتَحَوَّلَ سَوَارِي الْمَسْجِدِ لِيَ ذَهَبًا " .
قَالَ : وَحَدَّثَنَا
سهل قَالَ : سَمِعْتُ
عمشط بن زياد يَقُولُ : سَمِعْتُ
زهير بن نعيم يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=32515_32509جَالَسْتُ النَّاسَ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَتَّبِعُ هَوَاهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخْطِئُ فَيُحِبُّ أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَخْطَئُوا ، وَلَأَنْ أَسْمَعَ فِي
[ ص: 150 ] جَارِي صَوْتَ ضَرْبٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ لِي : أَخْطَأَ فُلَانٌ " .
قَالَ
سهل : وَسَمِعْتُ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29413سَمِعَ زهيرا يَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَأَنَا بِمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ أَشْبَهُ مِنِّي بِمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ " فَذَكَرْتُ هَذَا الْقَوْلَ لِعَشَرَةٍ مِنْ
أَهْلِ الصَّفَا فَمِنْهُمْ مَنْ بَكَى ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَاحَ ، وَمِنْهُمْ مَنِ انْتَفَضَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ بُهِتَ .
قَالَ
سهل : وَسَمِعْتُ
زهيرا يَقُولُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=30503_30491وَدِدْتُ أَنَّ جَسَدِي قُرِضَ بِالْمَقَارِضِ وَأَنَّ هَذَا الْخَلْقَ أَطَاعُوا اللَّهَ " .
قَالَ
سهل : وَحَدَّثَنَا
عبد الله بن عبد الغفار الكرماني قَالَ : صَعِدْتُ إِلَى
زهير بن نعيم وَقَدْ سَقَطَ مِنْ سَطْحِهِ وَذَلِكَ بَعْدَمَا ذَهَبَ بَصَرُهُ وَهُوَ مُتَهَشِّمُ الْوَجْهِ بِحَالٍ شَدِيدَةٍ فَقُلْتُ لَهُ : يَا
أبا عبد الرحمن ، كَيْفَ حَالُكَ ؟ قَالَ : " عَلَى مَا تَرَى وَمَا يَسُرُّنِي بِأَنِّي أَشَدُّ مِنْ هَذَا الْخَلْقِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29497هِيَ الدُّنْيَا فَلْتَصْنَعْ مَا شَاءَتْ " .