أشار لأولها بقوله ( إن سلما ) أي المتعاقدان ( من كراء الأرض بممنوع ) بأن لا تقع الأرض أو بعضها في مقابلة بذر أو طعام أو ما تنبته [ ص: 373 ] ككرائها بذهب أو فضة أو عرض أو حيوان فإن لم يسلما من ذلك منعت ككرائها بطعام ولو لم تنبته كعسل أو بما أنبتته ولو غير طعام كقطن وكتان واستثني من ذلك الخشب ونحوه فيجوز كما يأتي في الإجارة وأشار للشرط الثاني بقوله ( وقابلها ) أي الأرض ( مساو ) لكرائها غير بذر بدليل ما قبله من عمل بقر أو يد والمراد قابلها مساو على قدر الربح الواقع بينهما كأن تكون أجرة الأرض مائة والبقر والعمل خمسين ودخلا على أن لرب الأرض الثلثين ولرب البقر والعمل الثلث أو يكون أجرتهما مائة كالأرض ودخلا على النصف فتجوز فيهما وإلا فسدت فمعنى التساوي أن يكون الربح مطابقا للمخرج ولثالثها بقوله ( وتساويا ) في الربح بأن يأخذ كل من الربح بقدر ما أخرج وإلا فسدت ولا شك أن أحد الشرطين يغني عن الآخر . ( وصحت ) بشروط أربعة
فإن حمل ما قبل هذا على المقابلة بالنصف أفاد أنه إذا كان أحدهما الثلث والآخر الثلثين فسدت ولو دخلا على أن الربح بقدر ما أخرج كل وليس كذلك فالحق أن شرطها شيئان فقط كما قال أبو الحسن الصغير لا تصح إلا بشرطين أن يسلما من كراء الأرض بما يخرج منها وأن يعتدلا فيما بعد ذلك انتهى أي يعتدلا فيما يخرج من الربح على قدر ما أخرجا . الشركة في المزارعة
وأما الشرط الرابع فسيأتي ما فيه ( إلا لتبرع ) من أحدهما للآخر بشيء من الربح من غير وعد ولا عادة ( بعد ) لزوم ( العقد ) بالبذر فيجوز وأشار للشرط الرابع بقوله ( وخلط بذر إن كان ) المراد بالبذر الزريعة فيشمل الحب وغيره كالقطن والقصب ونحوهما وقوله إن كان أي منهما معا ، فإن كان من عند أحدهما فلا يتأتى خلط أي أن البذر إذا كان منهما فلا بد من خلطه حقيقة أو حكما كما أشار له بقوله ( ولو ) كان الخلط ( بإخراجهما ) له بأن يحمل كل بذره إلى الأرض ويبذره بها من غير تميز لأحدهما عن الآخر فتصح الشركة حيث دخلا على التعاون والشركة في الجميع كما هو الموضوع ، فإن تميز بذر كل بجهة فلا شركة بينهما ولكل واحد ما أنبته حبه ويتراجعان في الأكرية ويتقاصان ورد بالمبالغة القول بعدم الصحة في الخلط الحكمي المذكور [ ص: 374 ] واشتراط الحسي وما مشى عليه المصنف هو أحد قولي سحنون وابن القاسم ورجح ولهما أيضا قول مع أنه لا يشترط الخلط حسا ولا حكما فلو بذر كل منهما في جهة أو فدان غير الآخر صحت عندهم وهو ظاهر كلام مالك أبي الحسن المتقدم ورجحه بعضهم وبقي على المصنف شرط وهو تماثلهما جنسا وصنفا فلو أخرج أحدهما قمحا والآخر فولا أو شعيرا لم تصح ولكل واحد ما أنبته بذره ويتراجعان في الأكرية وقيل بالصحة أيضا وفرع المصنف على ما مشى عليه قوله .
( فإن ينبت بذر أحدهما وعلم ) ربه الذي لم ينبت بذره لفراغه أو سوسه أو قدمه وبعض الحب الذي إذا أصابه الدخان لم ينبت كالبرسيم وبذر الكتان والملوخية سواء تميز البذر المذكور في جهة أو اختلط ( لم يحتسب به ) في الشركة ( إن غر ) صاحبه بأن علم ولم يبين له ( وعليه ) أي على الغار لشريكه إذ الشركة باقية بينهما ( مثل نصف ) البذر ( النابت ) في شركة المناصفة ومثل حصته من النابت في غيرها فلو عبر بهذه العبارة لكان أشمل ( وإلا ) يغر بأن اعتقد أنه ينبت أو أنه لا ينبت وبين لصاحبه ( فعلى كل ) منهما لشريكه ( نصف بذر الآخر ) في شركة المناصفة ( والزرع بينهما ) على كل حال فعلى من لم ينبت بذره مثل نصف النابت غر أم لا وعلى من نبت بذره مثل نصف غير النابت أي قديما أو مسوسا إن لم يغر وموضوع المسألة أن من لم ينبت بذره علم وإلا فلا رجوع لأحدهما على الآخر والزرع بينهما وأن الإبان قد [ ص: 375 ] فات وإلا فعلى من لم ينبت زرعه الإتيان ببدل بذره جيدا فيزرعه ثم مثل المصنف لما استوفى شروط الصحة بخمس مسائل بقوله ( كأن تساويا ) أو ( أو تساووا ( في الجميع ) أرضا وعملا وبذرا وبقرا وآلة ( أو ) قابل بذر أحدهما عمل ) والأرض بينهما بملك أو كراء أو كانت مباحة ، وأما عمل يد فقط فستأتي مع قيدها ( أو ) قابل ( أرضه ) أي أرض أحدهما ( وبذره ) عمل من الآخر بيد وبقر وآلة أو بقر فقط فالمعنى أخرج أحدهما الأرض وبعض البذر والآخر العمل وبعض البذر وشرط صحة هذه ( إن لم ينقص ما للعامل ) أي ما يأخذه من الربح ( عن نسبة بذره ) بأن زاد أو ساوى مثال الأول أن يخرج أحدهما الأرض وثلثي البذر والثاني العمل وثلث البذر على أن يأخذ كل نصف الربح فقد أخذ العامل أزيد من نسبة ماله من البذر ومثال الثاني أن يأخذ رب الأرض الثلثين من الربح والعامل الثلث . قابل الأرض و ( بعضه ) أي بعض البذر عمل من الآخر مع بعض البذر
فإن نقص العامل عن نسبة بذره منع كما لو أخرج مع عمله نصف البذر على أن يأخذ ثلث الربح ( أو لأحدهما الجميع ) الأرض والبذر والبقر ( إلا العمل ) باليد فقط وهي مسألة الخماس فتصح