ثم ذكر بقوله ( و ) فسدت الشركة ( باشتراكهما بالذمم ) وهي أن يتعاقدا على ( أن يشتريا شيئا ) غير معين ( بلا مال ) ينقد أنه يعني [ ص: 364 ] على اشتراء شيء بدين في ذمتهما على أن كلا حميل عن الآخر ثم يبيعانه وما خرج من الربح فبينهما ، وإنما فسدت ; لأنه من باب تحمل عني وأتحمل عنك وهو ضمان بجعل ، وأسلفني وأسلفك وهو سلف جر منفعة ، فإن شركة الذمم جاز كما تقدم في قوله إلا في اشتراء شيء بينهما قال دخلا على شراء شيء معين وتساويا في التحمل المصنف ( وهو بينهما ) إذا وقع على ما تعاقدا عليه من تساو أو غيره هذا هو المراد ففاسد للجهل بالأجرة وللغرر بالتدليس وظاهر ( وكبيع وجيه ) يرغب الناس في الشراء منه ( مال ) شخص ( خامل بجزء من ربحه ) المصنف أن هذا تفسير ثان لشركة الذمم وهو أحد قولين ، والثاني وهو الأوجه أن هذه شركة وجوه لا ذمم وعليه فيكون معطوفا على باشتراك ( وكذي رحا وذي بيت وذي دابة ) عطف على باشتراك كالذي قبله أي وفسدت الشركة من حيث هي باشتراكهما وبمثل بيع وجيه وبمثل ذي رحا إلخ ، ولو حذف الواو الأولى وجعله مشبها فيما قبله من الفساد كان أحسن .
( ليعملوا ) أي اشتركوا في العمل بأيديهم والغلة بينهم أثلاثا ( إن لم يتساو الكراء ) في نفس الأمر بأن كان كراء الرحا في الواقع أقل من كراء البيت وكراء الدابة أقل من كراء كل منهما مثلا فلو كان كراء كل يساوي الآخر والغلة بينهم أثلاثا فلا فساد فمحل الفساد إن كان الكراء غير متساو ( وتساووا في الغلة ) فلو أخذ كل من الغلة بقدر ماله من الكراء فلا فساد أيضا وقوله ( وترادوا الأكرية ) بيان للحكم بعد الوقوع أي أنه إن وقع الاشتراك فاسدا فالحكم أنهم يترادون الأكرية بأن يرد من عليه شيء لمستحقه فإذا كانت الرحا تساوي ثلاثة دراهم والبيت اثنين والدابة واحدا مثلا فالجملة ستة تفض عليها الغلة ، فإذا كانت الغلة ثلاثين وأخذ كل واحد عشرة رجع صاحب الرحا على صاحب الدابة بخمسة يصير الحكم في المستقبل على مقتضى هذه القسمة فلصاحب الرحا في المثال النصف ولصاحب البيت الثلث ولصاحب الدابة السدس .
( وإن ( فالغلة ) كلها ( له ) أي للعامل وحده ; لأن عمله كأنه رأس المال ( وعليه كراؤهما ) أي كراء المثل لهما ، وإن لم يصب غلة ; لأن من اكترى شيئا فاسدا فعليه كراء المثل اشترط ) في عقد الشركة ( عمل رب الدابة ) مثلا وعمل ولو [ ص: 365 ] الأكثر من حصة الآخر لمن يعمر ، وقيل بقدر ما يعمر به ; لأن ( وقضي على شريك فيما لا ينقسم ) كحمام وفرن وحانوت وبرج أبى أن يعمر مع شريكه ( أن يعمر ) معه ( أو يبيع ) منه جميع حصته إنما أبيح للضرورة ورجح الأول لتقليل الشركاء الأخف في الضرر والمراد يقضى عليه بالبيع إن أبى التعمير ; لأن الحكم إنما يقع على معين فيأمره القاضي أولا بالتعمير ، فإن أبى حكم عليه بالبيع ويستثنى من كلامه البئر والعين ، فإن من أبى العمارة لا يجبر على البيع بل يقال لطالبها عمر إن شئت ولك ما حصل من الماء بعمارتك إلى أن تستوفي قدر ما أنفقت ما لم يدفع له الشريك ما يخصه من النفقة . البيع الجبري
وأما ما ينقسم فلا يجبر الممتنع على البيع لزوال الضرر بالقسمة ( كذي سفل ) أي كما يقضى على ذي سفل بالنسبة لمن هو أعلى منه وإن كان أعلى بالنسبة لأسفل منه إذ قد يكون الربع طباقا متعددة بأن يعمر أو يبيع لمن يعمر وسواء كان كل منهما ملكا أو وقفا أو أحدهما ملكا والآخر وقفا لكن محل بيع الوقف إذا لم يكن له ريع يعمر منه ولم يمكن استئجار بما يعمر به ولا يباع منه إلا بقدر ما يعمر به فهذه المسألة مما استثني من عدم جواز بيع الوقف ( إن وهى ) الأسفل أي ضعف ضعفا شديدا عن حمل العلو ، فإن سقط الأعلى على الأسفل فهدمه أجبر رب الأسفل على البناء أو البيع ممن يبني ليبني رب العلو علوه عليه ( وعليه ) [ ص: 366 ] أي على صاحب السفل ( التعليق ) أي تعليق الأعلى حتى يتم من إصلاح الأسفل ; لأن التعليق بمنزلة البناء والبناء على ذي السفل ( و ) عليه أيضا ( السقف ) الساتر لسفله إذ السفل لا يسمى بيتا إلا بالسقف ولذا كان يقضى به لصاحب الأسفل عند التنازع ( و ) عليه أيضا ( كنس مرحاض ) يلقي فيه الأعلى سقاطته ; لأنه بمنزلة سقف الأسفل ، وقيل الكنس على الجميع بقدر الجماجم واستظهر ( لا سلم ) يرقى عليه الأعلى فليس على صاحب الأسفل بل على الأعلى كالبلاط الكائن على سقف ذي السفل وهو ما لا يضر عرفا حالا ولا مآلا بالأسفل ( و ) قضي ( بالسقف للأسفل ) أي لصاحبه عند التنازع ( وبالدابة للراكب لا متعلق بلجام ) ولا سائق أو قائد إلا لعرف ( و ) قضي على صاحب علو مدخول عليه ( بعدم زيادة العلو ) على السفل ( إلا الخفيف )