الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) انقطع التتابع ( بفصل القضاء ) الذي وجب عليه عن صيامه ويبتدئ صومه من أوله ( وشهر أيضا القطع ) أي قطع التتابع ( بالنسيان ) أي بفصل القضاء نسيانا فهو متصل بما قبله من مسألة انفصال القضاء ، وليس مقابلا لقوله آنفا وفيها ونسيان فيكون معطوفا على محذوف أي وبفصل القضاء بغير نسيان وشهر أيضا القطع بالنسيان ويكون قوله : أيضا متعلقا بالقطع لا بالتشهير ثم فرع على قوله سابقا وفيها ونسيان أي لا يبطله الفطر ناسيا ، وعلى قوله وبفصل القضاء قوله : ( فإن لم يدر بعد صوم أربعة ) من الأشهر صامها ( عن ظهارين موضع يومين ) مفعول يدر نسيهما ولم يدر هل هما من الأولى أو من الثانية أو أولهما آخر الأولى ، وثانيهما أول الثانية ( صامهما ) أي اليومين الآن لاحتمال كونهما من الثانية فلا ينتفل عنها حتى يتمها بناء على أن فطر النسيان لا يبطله ( وقضى شهرين ) لاحتمال كونهما من الأولى ، أو متفرقين أحدهما آخر الأولى ، والثاني أول الثانية ، وقد بطلت الأولى بفصل القضاء ، وهذا إذا علم اجتماعهما ( وإن لم يدر اجتماعهما ) أي اليومين اللذين أفطرهما نسيانا ، كما لم يدر موضعهما من افتراقهما ( صامهما ) الآن لاحتمال كونهما من الثانية ، ولا ينتقل عنها حتى يكملها ، وصام شهرين أيضا فقط لاحتمال كونهما من الأولى أو أحدهما منها ، والثاني من الثانية ، وأما قوله : ( وقضى الأربعة ) ففيه نظر وإنما يتمشى على أن الفطر ناسيا مبطل [ ص: 454 ] وهو ضعيف كالمفرع عليه على أنه لا وجه لصيامها مع قضاء الأربعة

التالي السابق


( قوله : وبفصل القضاء إلخ ) حاصله أنه إذا أكل ناسيا أو أفطر لمرض أو حيض أو أكره على الفطر أو ظن غروب الشمس فالواجب عليه قضاء ما أفطر فيه ووصل القضاء بصيامه فإن ترك وصل القضاء بصيامه عامدا أو جاهلا انقطع التتابع ، واستأنف الصوم من أوله اتفاقا ، وكذا إن ترك ناسيا أن عليه قضاء على المشهور من المذهب لتفريطه ، وقال ابن عبد الحكم يعذر في تفريقه القضاء بالنسيان ، وإنما لم يعذر بالنسيان على القول المعتمد وعذر بالأكل ونحوه نسيانا مع أن الذي أفطر ناسيا قد أتى في خلال الصوم بيوم لا صوم فيه كما أن من فرق بين صومه والقضاء قد فصل بين الصومين بيوم لا صوم فيه ; لأن فصل النسيان يبيت فيه الصوم بخلاف فصل القضاء أنه لم يبيته فيه كذا في أبي الحسن عن أبي عمران ثم إن قوله : وبفصل القضاء أي بما يجوز أداء الصوم فيه ، وأفطره ، وأما إذا فصله بما لا يجوز الأداء فيه وأفطره عمدا فإنه لا ينقطع التتابع كيوم العيد .

( قوله : وشهر أيضا إلخ ) المشهر له ابن رشد لا ابن الحاجب خلافا لعبق ومقابل ذلك المشهور لابن عبد الحكم ( قوله : نسيانا ) أي ناسيا أن عليه قضاء لتفريطه ( قوله : وليس مقابلا لقوله آنفا وفيها إلخ ) أي ; لأن ابن راشد حكى الاتفاق على ما في المدونة من أن الفطر في أثناء الكفارة نسيانا لا يقطع التتابع وابن الحاجب وشهره وحينئذ فمقابله قول شاذ لا مشهور ( قوله : بغير نسيان ) أي عمدا أو جهلا ( قوله : لا بالتشهير ) لئلا يقتضي أن فصل القضاء بغير نسيان بأن كان عمدا أو جهلا فيه خلاف ، وليس كذلك ; إذ هو يقطع التتابع اتفاقا ، والخلاف إنما هو في النسيان ، ووجه اقتضائه ذلك أن المعنى شهر قطع التتابع بفصل القضاء ناسيا ، كما شهر أن فصل القضاء عمدا يقطعه ( قوله : نسيهما ) أي أفطر فيهما نسيانا .

( قوله : صامهما وقضى شهرين ) اعلم أن صوم اليومين وقضاء الشهرين - حيث علم اجتماع اليومين - متفرع على كل من القولين من أن الفطر نسيانا لا يقطع التتابع أو أنه يقطعه كما أشار له ابن الحاجب وهو قول شاذ أما تفرعه على القول بأن الفطر نسيانا لا يقطع التتابع فقد بينه الشارح وأما تفرع ذلك على القول الشاذ فوجهه أنه حيث علم اجتماعهما لم تبطل إلا كفارة واحدة على كل احتمال ; لأنهما إن كانا من الأولى من أولها أو من وسطها أو من آخرها أو كان الأول من اليومين آخر الأولى ، والثاني أول الثانية بطلت الأولى وحدها وإن كانا من الثانية في أثنائها بطلت وحدها لقطع التتابع بالفطر نسيانا وإن كانا أول الثانية أو كانا آخرها لم يبطل إلا هما ، ويطالب بقضائهما متصلا ( قوله : لاحتمال كونهما من الثانية ) أي مجتمعين أو مفترقين من أولها أو من وسطها أو من آخرها ( قوله : لاحتمال كونهما من الأولى ) أي من أولها أو من وسطها أو من آخرها ( قوله : وإن لم يدر اجتماعهما ) أي أنه شك هل هما مجتمعان أو مفترقان وهل هما من الكفارة الأولى أو من الثانية أو أحدهما [ ص: 454 ] من الأولى ، والآخر من الثانية ( قوله : وهو ضعيف ) أي القول بقضاء الأربعة ضعيف وقوله كالمفرع عليه أي ، وهو القول بأن الفطر نسيانا يقطع التتابع .

( قوله : على أنه لا وجه لصيامهما ) أي اليومين مع قضاء الأربعة قال شيخنا العدوي : قد يقال بل له وجه ، وذلك لأنه إذا لم يعلم اجتماعهما فيحتمل أنهما من الأولى من أولها أو من وسطها أو من آخرها مجتمعين أو مفترقين فتبطل وحدها ، ويحتمل أنهما من أثناء الثانية فتبطل وحدها سواء كانا مجتمعين أو متفرقين ويحتمل أن أحدهما من الأولى والثاني أول الثانية فتبطل الأولى فقط ويحتمل أن يكون أحدهما من الأولى والثاني من أثناء الثانية فيبطلان معا فتقضى الأربعة ، ويحتمل أن يكونا مجتمعين وأنهما أول الثانية ، فلم يبطل إلا هذان اليومان فلذا صامهما ، وقضى الأربعة أشهر والحاصل أن صومه اليومين لاحتمال أن اليومين اللذين أفطر فيهما أول الثانية ، وقضى الأربعة لاحتمال أن أحدهما من الأولى ، والثاني من أثناء الثانية تأمل




الخدمات العلمية