وآدابها : فضل الجمعة
اعلم أن هذا يوم عظيم عظم الله به الإسلام وخص به المسلمين ، قال الله تعالى : [ ص: 44 ] ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) [ الجمعة : 9 ] فحرم وقال - صلى الله عليه وسلم - : " الاشتغال بأمور الدنيا وبكل صارف عن السعي إلى الجمعة " وقال صلى الله عليه وسلم : " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة طبع الله على قلبه ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر " والعذر مثل : المطر والوحل والفزع والمرض والتمريض إذا لم يكن للمريض قيم ، ونحوها . ويستحب من فيه ولا بأس من تقريبه من الرواح ليكون أقرب عهدا بالنظافة ، ويستحب فيه الغسل أخذ الشعر وقلم الظفر وقص الشارب وتطييب الرائحة ، ويستحب ولبس أحسن الثياب وأن يكون في سعيه خاشعا متواضعا مبادرا إلى ندائه تعالى إلى الجمعة ، البكور إلى الجامع ، والبكور يسهل عليه ذلك ، فقد ورد وعيد شديد في تخطي الرقاب ، ومهما كان الصف الأول متروكا خاليا فله أن يتخطى رقاب الناس لأنهم ضيعوا حقهم وتركوا مواضع الفضيلة . قال " وينبغي أن لا يتخطى رقاب الناس ولا يمر بين أيديهم " - رضي الله عنه - : " تخطوا رقاب الذين يقعدون على أبواب الجامع يوم الجمعة فإنه لا حرمة لهم " . وإذا دخل المسجد فليركع ركعتين وإن كان الإمام يخطب ، ولا يمر بين يدي الناس بل يجلس إلى أقرب أسطوانة أو حائط حتى لا يمرون بين يديه - أعني بين يدي المصلي - فإن ذلك منهي عنه ، ومن اجتاز به فينبغي أن يدفعه ، فإن لم يجد أسطوانة فلينصب بين يديه شيئا طوله قدر ذراع ليكون ذلك علامة لحده . ويندب الحسن البصري فإن فضله كثير ، طلب الصف الأول ، وتكره والقرب من الخطيب ليستمع الخطبة . وعليه أن يقطع الكلام عند خروج الخطيب ، بل يشتغل بجواب المؤذن ثم باستماع الخطبة ، وقال صلى الله عليه وسلم : " الصلاة في الأسواق والرحاب الخارجة عن المسجد فقد لغا ، ومن لغا والإمام يخطب فلا جمعة له من قال لصاحبه والإمام يخطب : أنصت " وهذا يدل على أن الإسكات ينبغي أن يكون بإشارة أو رمي حصاة لا بالنطق . فإذا قضيت الصلاة فليرجع إلى شأنه ذاكرا الله عز وجل مفكرا في آلائه شاكرا الله تعالى على توفيقه خائفا من تقصيره ، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته ، ويستحب أن - في هذا اليوم وفي ليلته ، وأن يتصدق فيه إلا على من سأل والإمام يخطب ، قال " يكثر الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم " : " إذا سأل الرجل في المسجد فقد استحق أن لا يعطى " يعني هؤلاء السؤال في الجامع الذين يتخطون رقاب الناس إلا أن يسأل قائما أو قاعدا في مكانه من غير تخط . وكره بعض السلف شراء الماء في المسجد من السقاء ليشربه أو يسبله حتى لا يكون مبتاعا في المسجد ، فإن ابن مسعود مكروه ، وقالوا لا بأس لو أعطى [ ص: 45 ] الفضة خارج المسجد ثم شرب أو سبل في المسجد . وينبغي أن يزيد في الجمعة في أنواع خيراته ، فإن الله سبحانه إذا أحب عبدا استعمله في الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال . البيع والشراء في المسجد