الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  معلومات الكتاب

                                                                  موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

                                                                  القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

                                                                  [ ص: 34 ] تمييز الفرائض والسنن :

                                                                  ما تقدم يشتمل على فرائض وسنن وهيئات ; فالسنن من الأفعال : رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وعند الهوي إلى الركوع وعند الرفع منه والجلسة للتشهد الأول ، والتورك والافتراش هيئات تابعة للجلسة ، وترك الالتفات هيئة للقيام وتحسين لصورته .

                                                                  والسنن من الأذكار : دعاء الاستفتاح والتعوذ وقول آمين وقراءة السورة وتكبيرات الانتقالات والذكر في الركوع والسجود والاعتدال والتشهد الأول والصلاة فيه على النبي - صلوات الله عليه - والدعاء في التشهد الأخير والتسليمة الثانية ; هذه السنن وما عداها فهو واجب .

                                                                  واعلم أن الصلاة كالإنسان ، فروحها وحياتها أعني الخشوع وحضور القلب والإخلاص كروح الإنسان وحياته ، وأركانها تجري منها مجرى قلبه ورأسه وكبده إذ يفوت وجود الصلاة بفواتها كما ينعدم الإنسان بعدمها ، والسنن تجري منها مجرى اليدين والعينين والرجلين منه فهي لا تفوت الحياة بفواتها ولكن يصير المرء بفقدها مشوه الخلقة مذموما ، والهيئات تجري منها مجرى أسباب الحسن من الحاجبين واللحية والأهداب وحسن اللون ونحوها ، فمن اقتصر على أقل ما يجزئ من الصلاة كان كمن أهدى إلى ملك من الملوك عبدا مقطوع الأطراف ، فالصلاة قربة وتحفة تتقرب بها إلى حضرة ملك الملوك كوصيفة يهديها طالب القربة من السلاطين إليهم ، وهذه التحفة تعرض على الله عز وجل ثم ترد عليك يوم العرض الأكبر ، فإليك الخيرة في تحسين صورتها وتقبيحها ، فإن أحسنت فلنفسك وإن أسأت فعليها .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية